الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ولاية سليمان بن عبد الله بن طاهر بغداذ وشغب الجند والعامة بها

وفي رمضان وثب عامة بغداذ وجندها بمحمد بن أوس البلخي .

وكان السبب في ذلك أن محمد بن أوس قدم من خراسان مع سليمان بن عبد الله بن طاهر على الجيش القادمين من خراسان ، وعلى الصعاليك الذين معهم ، ولم تكن أسماؤهم في ديوان العراق ; وكانت العادة أن يقام لمن يقدم من خراسان بالعراق ما كان لهم بخراسان ، ويكون وجه ذلك من دخل ضياع ورثة طاهر بن الحسين ، ويكتب إلى خراسان ليعطى الورثة من بيت المال عوضه .

فلما سمع عبيد الله بن عبد الله بقدوم سلمان إلى العراق ، ومصير الأمر إليه ، أخذ ما في بيت مال الورثة ، وأخذ نجوما لم تحل ، وسار ، فأقام بالجويب ، في شرقي دجلة ، ثم انتقل إلى غربيها ، فقدم سليمان فرأى بيت مال الورثة فارغا ، فضاقت عليه الدنيا ، وأعطى أصحابه من أموال جند بغداذ ، وتحرك الجند والشاكرية في طلب الأرزاق .

وكان الذين قدموا مع محمد بن أوس من خراسان قد أساءوا مجاورة أهل بغداذ ، [ ص: 261 ] وجاهروا بالفاحشة ، وتعرضوا للحرم ، والغلمان بالقهر ، فامتلئوا عليهم غيظا وحنقا ، فاتفق العامة مع الجند ، وثاروا ، وأتوا سجن بغداذ ، عند باب الشام ، فكسروا بابه ، وأطلقوا من فيه ، وجرت حرب بين القادمين مع ابن أوس وبين أهل بغداذ ، فعبر ابن أوس وأصحابه وأولاده إلى الجزيرة ، وتصايح الناس : من أراد النهب فليلحق بنا ! فقيل إنه عبر إلى الجزيرة من العامة أكثر من مائة ألف نفس ، وأتاهم الجند في السلاح ، فهرب ابن أوس إلى منزله ، فتبعه الناس ، فتحاربوا نصف نهار حربا شديدة ، وجرح ابن أوس ، وانهزم هو وأصحابه ، وتبعهم الناس حتى أخرجوهم من باب الشماسية ، وانتهبوا منزله وجميع ما كان فيه ، فقيل : كان قيمة ذلك ألفي درهم ، وأخذوا له من الأمتعة ما لا حد عليه ، ونهب أهل بغداذ منازل الصعاليك من أصحابه .

فأرسل سليمان بن عبد الله إلى ابن أوس يأمره بالمسير إلى خراسان ، ويعلمه أنه لا طريق له إلى العود إلى بغداذ ، فرحل إلى النهروان ، فنهب وأفسد ، ثم أتى بايكباك التركي ، كتب إليه ولاة طريق خراسان في ذي القعدة .

وكان مساور بن عبد الحميد قد استخلف رجلا اسمه موسى بالدسكرة ونواحيها ، في ثلاثمائة رجل ، وإليه ما بين حلوان والسوس على طريق خراسان وبطن جوخى .

وفيها أمر المهتدي بإخراج القيان والمغنين من سامرا ، ونفاهم عنها ، وأمر أيضا بقتل السباع التي كانت بدار السلطان ، وطرد الكلاب ، ورد المظالم ، وجلس للعامة ، ولما ولي كانت الدنيا كلها بالفتن منسوخة .

التالي السابق


الخدمات العلمية