هل لدعاء الوالدين - وإن كان بغير حق - تأثير على عدم توفيق الأبناء؟

0 185

السؤال

أبو زوجي قرر أن يكتب لنا عقد إيجار للمنزل الذي نعيش فيه مدته 90 سنة، لأننا نسكن بأرض مشاع مقابل أنه أعطى أخواته منازل بطابو نظامي، وبعد فترة من الزمن أراد والده استرجاع المنزل منه، ولو كان عن طريق المحكمة، ولو كان في ادعائه تغيير للحق وادعاءات باطلة، وسألنا المشايخ بالشام، وبالإجماع أشاروا علينا أنه لا يحق له ذلك.
وبعد الحرب سافرنا إلى مصر، وسكن أخواته البنات في بيتي بسبب النزوح، ووالد زوجي مصر على الدعوة، وهو غاضب علينا جدا. مع العلم أن زوجي أعطاه مفتاح المنزل، وقال له: لك حرية التصرف بالمنزل ما حييت. ولكن هو مصر على التنازل له في المحافظة، يريد أن يسترجعه كاملا حتى بعد وفاته، وزوجي مصر على عدم إعطائه له.
مضى على وجودنا بمصر أكثر من سنتين، وأمورنا من سيئ لأسوأ، وأولادي وأنا نرجح أن هذا السوء الذي حل بنا هو من وراء غضب والده عليه؛ لأنني أعرف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك.
مع العلم أن زوجي كثير الصدقات، حتى الصدقة اليومية، ولكن باتت أمورنا في خطر. فهل من الممكن أن يكون غضب والد زوجي -ولو كان ليس من حقه- قد استجيب من الله بدعوة برفع يد ودعوة علينا؟
أرجو الرد. مع العلم أننا أقنعنا زوجي أنا وأولادي برد البيت لوالده لمجرد مرضاته، وقد وافق.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أحسن زوجك برد البيت لأبيه حرصا على إرضائه، وتخلصا من غضبه.

واعلمي أن دعوة الوالد على ولده إذا كانت بغير حق فإنها لا تستجاب؛ قال ابن علان"... ودعوة الوالد على والده، أي: إذا ظلمه، ولو بعقوقه". دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - (6 / 301). وقال المناوي: "وما ذكر في الوالد محله في والد ساخط على ولده لنحو عقوق". التيسير بشرح الجامع الصغير -للمناوى- (1 / 950).

وعليه؛ فلا يلزم أن يكون ما يعاني منه زوجك بسبب دعاء أبيه، لكن على أية حال؛ فإنه إذا نزلت المصائب على العبد أو شعر بعدم التوفيق في بعض الأمور، فعليه أن يتهم نفسه، ويراجع حاله مع الله، فإنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة؛ في صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: "... يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه". قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله-: "فالمؤمن إذا أصابه في الدنيا بلاء، رجع إلى نفسه باللوم، ودعاه ذلك إلى الرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار". جامع العلوم والحكم (2/ 53).

قال ابن القيم: "ومن عقوبات الذنوب: إنها تزيل النعم، وتحل النقم؛ فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب". الجواب الكافي - (1 / 49).

فعليكم بتجديد التوبة العامة، وكثرة الاستغفار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة