من أهملها والداها وتركاها في بيت جدّها وطالباها بعد البلوغ بالانتقال إليهما

0 25

السؤال

أنا مقيمة في السعودية، أمي تزوجت أبي عندما كانت في الجامعة في مصر، وحملت بي، وولدتني في السعودية، وبحجة سفرهم إلى مصر مجددا لإكمال دراستهم الجامعية في مصر، تركتني عند جدي وجدتي (والد ووالدة أمي) وأخوالي، وأنا في عمر ثلاثة الأشهر، وغيروا اسمي نسبة إلى جدي، فأصبح هو والدي، وجدتي والدتي في الأوراق الرسمية، ثم أنهى والدي دراستهم الجامعية، وانتقلوا للعيش في دولة أخرى، وأنجبت ثلاثة أطفال، وتربيت أنا عند جدي وجدتي، وأنا أعلم أنهم جدي وجدتي منذ صغري، حتى توفي جدي، وأنا في الثامنة، وتوفيت جدتي وأنا في الواحدة والعشرين من عمري، ولم تأت أمي لرؤيتي سوى ثلاث أو أربع مرات؛ بحجة أن الظروف كانت صعبة جدا، وصعبت أكثر بعد وفاة جدي؛ لأنه كان الذي يصرف عليهم، ولم يصرفوا علي نهائيا، ولكني لم أحتج -ولله الحمد-، ولم أطلب منها شيئا، رغم حاجتي الشديدة لوجودها جانبي في أيامي الصعبة، ولم تكن بالأمنية الكبيرة.
تمنيت حقا لو أن أمي ربتني مع بقية إخوتي، وبكيت ليالي عدة، وأنا في أمس الحاجة لها ولأبي، رغم أنه لم يحادثني منذ أن كنت في الثانية عشرة، ولم أره منذ تسعة عشر عاما من عمري، ومع تطور الإنترنت أصبحت أمي تحادثني بين حين وحين، ولكنني لم أرها منذ أكثر من ثماني سنوات.
وأنا الآن أعيش في بيت جدي -رحمه الله- مع أخوالي وعائلاتهم، وخالي لديه ابنان وبنت؛ أكبرهم ابن في عمر الخامسة عشر عاما، وولده الآخر ما زال في الثامنة من عمره، وهم بمنزلة إخوة لي؛ لأن خالي كان يعاملني كابنة له وأكثر، وزوجته أيضا، فتربيت معهم، ويعدني أولادهم أختهم الكبيرة، وأنهيت دراستي الثانوية، وأعمل -والحمد لله-.
وأمي الآن تريدني أن أكمل دراستي الجامعية في إحدى المدن؛ بشرط إجباري على قطع إقامتي في السعودية، والخروج بشكل نهائي، وترك عائلتي هنا للعيش معها في منطقة غير آمنة وسط الغابات؛ لأنني تعودت على العيش في السعودية بأمان، وعندما رفضت، أصبحت تقول: لا تستطيعين الجلوس أكثر في بيت خالك؛ لأن أبناءه سيكبرون، وهم ليسوا محارم لك، وأنا لم أرفض ذهابي هناك إلا لخوفي من العيش في مكان غير آمن، ولم أعتد عليه؛ لكثرة المشاكل الأمنية، وضعف المعيشة، بعكس المعيشة هنا، فأستطيع توفير كل ما أحتاجه من خلال راتب عملي.
وسؤالي هو: ما حكم ما فعله أبي وأمي؟ وما حكم تغييرهم نسبي؟ وما رأيكم بقراراها؟ وهل رفضي لكلامهم يعد عقوقا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان الحال كما ذكرت من إهمال والديك السؤال عنك، وترك صلتك مدة طويلة دون عذر؛ فهما مقصران في حقك، وغير قائمين بما عليهما من المسؤولية نحوك، لكن ذلك لا يسقط حقهما عليك في البر، والمصاحبة بالمعروف، وانظري الفتوى: 114460.

وأما كتابة نسبك في الأوراق الرسمية إلى جدك وجدتك بدلا من أبويك؛ فهذا فيه من المفاسد ما لا يخفى، فقد يؤدي إلى ثبوت حقوق غير ثابتة شرعا؛ كالإرث، والمحرمية.

والصواب: تصحيح النسب في الأوراق الرسمية، إن أمكن، أو أخذ الاحتياطات الكافية؛ حتى لا تحصل تلك المفاسد.

وأما مطالبتهما لك بالانتقال للعيش معهما في البلد الذي يقيمون فيه؛ فالأصل أن هذا صواب، وعليك طاعتهما في ذلك.

وقول أمك: إن أبناء خالك ليسوا من محارمك؛ قول صحيح.

وكونك تربيت معهم، وكونهم يعدونك أختا لهم؛ كل ذلك لا يجعلهم محارم لك، ولا يبيح لك التهاون في معاملتهم، إذا كانوا بالغين.

لكن إذا كان عليك ضرر حقيقي في الانتقال إلى البلد الذي يقيم فيه والداك؛ لكونه غير آمن؛ ففي هذه الحال؛ لا تلزمك طاعتهما في الانتقال إليه، ويجوز لك البقاء في بيت جدك، مع مراعاة الوقوف عند حدود الله، والاحتياط في معاملة أبناء خالك، وغيرهم من الأجانب، مع مداومة برك بوالديك، والإحسان إليهما، قدر طاقتك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة