السؤال
أنا شخص أحب الأنمي جدا، فهل الأنمي حرام إذا كان فيه تصوير لآلهة، أو به إحياء للموتى، أو شخص يعرف ما قد يحدث في المستقبل؟ أنا لا أتأثر به، ولا يتأثر إيماني بالله أبدا، ولا أرى أن هذا الشيء يعد رضا بالمنكر، وهم لا يسبون الله أو الإسلام، فهل يكون الأنمي في هذه الحالة حراما؟ وإذا كان بالأنمي نساء يظهرن بعضا من أجسادهن وشعورهن وأيديهن مثلا، ولكني لم أشاهده لأجلهن، فهل يكون الأنمي حراما؛ حتى لو قمت بتغطية ما يظهر من أجسادهن؟ مع العلم أنه لا يثيرني، والمرأة لا تكون عارية، وهي مجرد رسم، ولكنها تثيرني أحيانا، ولكني لا أرتكب الذنوب، فهل يكون الأنمي حراما؟ وإذا كان الأنمي حراما فيما سألت عنه، وتابعته، فهل يكون علي ذنب كبير؟ وهل تلزم التوبة والندم، أم التوقف عن مشاهدته فقط؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا تجوز مشاهدة أفلام الأنمي المشتملة على العقائد الكفرية، والأفكار المنحرفة المضادة للعقيدة الإسلامية -كتعدد الآلهة، وإحياء الموتى، وادعاء علم الغيب المستقبلي، ونحو ذلك-، ولو كانت المشاهدة لمجرد الاستماع والتسلية، ولو كان مشاهدها لا يتأثر بها، كما سبق في الفتاوى: 402940، 229540، 221404، 122994.
وأما صور النساء الكرتونية: فما دامت تثير الغرائز -كما ذكرت عن نفسك-، فلا يجوز النظر إليها.
ولا يشترط للتحريم أن تؤدي إلى فعل العادة السرية، أو نحو ذلك، وراجع في هذا الفتوى: 435805، وإحالاتها.
ومشاهدة الأنمي المحرمة، كسائر المحرمات، تجب التوبة منها، والتوبة من الصغائر واجبة عند عامة العلماء، وكون الصغائر تكفر بالاستغفار، والحسنات الماحية، ونحو ذلك، لا يقتضي عدم وجوب التوبة منها، جاء في الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي: التوبة من الكبيرة واجبة عينا فورا، بنصوص الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، قال القاضي الباقلاني: وتجب التوبة من تأخير التوبة.
وأما التوبة من الصغيرة: فواجبة عينا فورا -أيضا-، كما في الكبيرة، قاله الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة والجماعة، ولم يحك فيه خلافا إلا عن الجبائي المعتزلي، والمنقول عن أصحابنا، وغيرهم ما قاله الأشعري، بل حكى إمام الحرمين الإجماع عليه، وكأنه لم يعتد بخلاف الجبائي ...
وكون اجتناب الكبائر يكفرها، لا يمنع الإجماع على وجوب التوبة منها؛ لأن الكفر لا يزيد على الستر، فإذا سترت، كانت في رجاء أن يمحى أثرها، وهذا أمر قد يقع، وقد لا يقع؛ إذ لا يجب على الله شيء، فوجبت التوبة منها؛ لتزول عن فاعلها وصمة المخالفة والتعدي الذي ارتكبه، وبارز الله تعالى بعصيانه له.
وبهذا الذي ذكرته، مع الإجماع المذكور يندفع قول السبكي: أما الصغيرة فيحتمل أن يقال لأنها تكفر بالصلاة، واجتناب الكبائر، وبغير ذلك، لا تجب التوبة منها عينا، بل إما هي، أو مكفر آخر، أو هي لا فورا؛ حتى يمضي ما يكفرها، أو هي فورا، وهو ما قاله الأشعري. اهـ.
ثم إن الإصرار على الصغيرة، قد يصيرها كبيرة، وانظر الفتويين: 183627، 123437.
وأما التوبة، فلا تحصل بمجرد ترك الذنب، بل لا بد مع ذلك من الندم على ما سلف منه، والعزم الصادق على عدم العودة إليه في المستقبل، قال النووي في شرح صحيح مسلم: التوبة لها ثلاثة أركان:
الإقلاع، والندم على فعل تلك المعصية، والعزم على أن لا يعود إليها أبدا.
فإن كانت المعصية لحق آدمي، فلها ركن رابع، وهو: التحلل من صاحب ذلك الحق.
وأصلها الندم، وهو ركنها الأعظم. اهـ.
والله أعلم.