الاستقلال عن الوالد للحاجة إلى الزواج لايعد عقوقا

0 317

السؤال

سؤالي في بر الوالدين لكن مع بعض التفاصيل والتي تتعلق بحياتي أنا وحدي فتحملوني جزاكم الله رضاه والجنة.
فقد انفصلا من سن الخامسة ولكل منهم زوج آخر ولوالدتي أربعة أولاد غيري ولا ولد لأبي سواي، أما الوالدة فقد منع عمل والدي في الخليج زيارتها 15 سنة أو حتى الكلام بالهاتف. واليوم أنعم الله علينا بقرب المسافة (حوالي ساعة ونصف من المنزل) . لكنها وهذا سؤالي تدرك عدم تعلقي بها كما المعتاد مع الأمهات وأولادهم وأخاف أن يكون ذلك عقوقا أهلك بسببه لأنني لا أزورها غير مرة بالأسبوع بسبب العمل ولأنني لا أجد ما أقوله لها وأنا معها وأحيانا أنسي مكالمتها اليومية.
أما الوالد فإنني أقيم معه حتى الآن لكن أتجنب المكوث في المنزل كثيرا لعصبيته والتي تأتي مما يسمعه عني من زوجته التي لن تتوقف عن تصويري كجاحد وعاق ومستحق للعقاب والتوبيخ حتى يصل الكلام إلى أن من أولادكم عدوا لكم. هداني وإياها الله وأثابها على تربيتي خير الجزاء فليست الأمومة مهمة سهلة. وقد هداني الرحمن الرحيم طوال عمري إلى الصبر والحكمة وانعم علي بالفهم لدينه والإيمان بمشيئته الرحيمة وتيسيره لأمور حياتي حتى وإن لم يكن من أحد معي وعلى وشك الضياع في بحر المشاكل فعون الله كفاني وأغناني حتى لأنني أخرج من مصائب الدنيا إلى نعمة الله من حيث لا يتصور أحد أن ذلك ممكن (مثلا أنا لم أكمل دراستي لعدم ملائمة غرفتي للدراسة ومع ذلك راتبي يزيد 5 أضعاف عن حديثي التخرج المعينين بالواسطة!!!).
واليوم أود أن أترك منزل الوالد حتى أتمكن من إكمال الدراسة والترقي في العمل وتحضير عمل إضافي أوفر منه للزواج حتى أعف نفسي فأنا في الثلاثـــين وفي عملي الكثير من النساء وكذلك لإصلاح بعض جوانب حياتي المتضررة من علاقاتي غير المستقرة. لكن ذلك أعلم أنه سيزيد الفرقة بيني وبين أبي الذي عادة ما يتوقف عن مخاطبتي تماما لو قدمت مثلا على السفر للبحث عن عمل أو حتى تغيير قناة التلفزيون. فأخشى أن يغضب الله على فلا يبارك لي فيكون هلاكي المحتم .
أود لو ترشدوني لكلام الله تعالى وكلام رسوله الكريم في الإصلاح، بين الناس ومع أهم الناس ، في دفع السيئة بالحسنة ، فالشيطان يعرض علي الاستقلال بحياتي تماما والتركيز على نفسي وإصلاح شؤونها باعتبار أن ذلك متوقف على علمي أنا وعملي الموفق دائما - كأنما يود أن يغريني برحمة الله - يعرض على أن اتركهما مع أزواجهم سعداء ربما بعدم وجودي في الوسط ثم زيارات قصيرة في أيام الجمع وكلما لزم وأنه عندما أتزوج ويرزقني الله بالأولاد سيتغير الأمر ؟
ولكم جزيل الشكر .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أخطأت عندما أطعت والدك ولم تزر أمك أو تهاتفها طيلة خمسة عشر عاما، فإن الوالد لا تجب طاعته إذا أمر بمعصية. قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري. وقال أيضا: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وغيره.

وانظر عظيم حق الأم في الفتاوى: 17754، 11649، 15008.

وعلى ذلك، فإن الواجب عليك التوبة إلى الله من تفريطك في صلة أمك طوال هذه المدة، وانظر شروط التوبة النصوح في الفتوى رقم: 9694.

وإن كنت لا تستطيع أن تزور أمك أكثر من مرة أسبوعيا بسبب ظروف عملك فلا شيء عليك. قال تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم {التغابن: 16}. وقال أيضا: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها {البقرة: 286}. لكن عليك أن تتفقد حالها عن طريق الهاتف لتعوض قلة زيارتك لها.

هذا، وننصحك بالصبر على جفاء والدك وعصبيته، فإن الوالد أوسط أبواب الجنة، واحتسب صبرك عند الله، وقد مر بك في الفتاوى التي أحلنا عليها آنفا عظيم حق الوالد. وبالنسبة لحكم عملك في مكان يختلط فيه الرجال والنساء انظر الفتاوى: 8677، 39664 ، وانظر حكم مشاهدة التلفاز في الفتوى رقم: 1886.

هذا، وإن كنت محتاجا للزواج ويلزم من الإعداد له الاستقلال بحياتك فليس لوالدك أن يمنعك وليس في استقلالك عنه عقوق له إلا إذا استطعت الجمع بين الزواج وبين البقاء معه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة