الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضرورة استنفاد كل وسائل الإصلاح بين الزوجين قبل اللجوء للانفصال

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

ترددت كثيراً قبل أن أكتب لكم.
أنا متزوجة وأم لأولاد، تزوجت دون إرادتي، وسافرت إلى الخارج، لا أحب هذا البلد، أتعذب كل يوم، أموت كل يوم بالتدريج، ليس لي أحد في هذه البلاد لا أم ولا أهل ولا صديقة، لا أحس بزوجي فهو لا يناسبني على الإطلاق، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / الصابرة .. حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يفرج عنك كربتك، وأن يؤنس وحشتك، وأن يصلح لك زوجك، وأن ينزل رحماته عليك وعلى أهل بيتك، وأن يجعل بعد خوفك أمناً وبعد حزنك سعادةً وفرحاً.

وبخصوص ما ورد برسالتك فبدايةً أقول لك كان الله في عونك، وقواك وصرف عنك كل حزن وكآبة، وشرح صدرك بالإيمان، ونور حياتك بطاعة الرحمن.

ومشكلتك أختي صابرة مثلها كثير وكثير في دنيا الناس، بل ولعل هناك ما هو أشد وأقسى وأمر وأدهى، ولكن الناس يعالجون ذلك كله بجرعات قوية من الصبر الجميل؛ لأنه الحل الأمثل خاصةً في مثل حالتك، وقولي لي بالله عليك هل تجدين حلاً أعظم وأفضل من الصبر؟ فهو أمثل حل نظراً لظروفك، فلا أعتقد أنك على استعداد للتضحية بأولادك من أجل راحة نفسك وإسعادها؛ لأن مثلك لم ولن يصنع ذلك، فنحن معاشر المسلمين نفضل التضحية بأنفسنا وراحتنا وسعادتنا غالباً لكي يسعد غيرنا ويهنأ، خاصةً أولادنا وفلذات أكبادنا.

فأوصيك ثم أوصيك بدايةً بالصبر الجميل، فهذه هي ضريبة الغربة والبعد عن الأهل والوطن، وأنت لست وحدك الغريبة التي تعاني من آلام الغربة.

وأما عن زوجك فأنصح بضرورة فتح حوار هادئ معه، والجلوس على مائدة المفاوضات الأسرية وجهاً لوجه، وشرح كل واحد منكم وجهة نظره، ومصارحة كل واحد لأخيه بعيوبه، ومحاولة وضع حل مناسب لتلك المشاكل، وتذكير كل منا صاحبه بحقه عليه، فإن صدقت النوايا ستتمكنون من حل كثير من المشكلات دون تدخل أحد؛ بشرط ألا يكون الهدف محاولة إثبات كل واحد منكما أنه على صواب وأن الآخر هو المخطئ، وأن يكيل كل واحد منكما الاتهامات لصاحبه بأنه وحده المسؤول عن سوء العلاقة، وإنما نجعل الهدف البحث عن حل فقط بصرف النظر عن المخطئ أو المصيب، المهم أن نحافظ على الأسرة من التشتت والضياع، وعلى العلاقة الزوجية من القطع أو الانتهاء، لابد أن يكون الهدف الإصلاح والعلاج خاصة من طرفك أنت، عملاً بقوله تعالى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} فإذا لم تفلحا في هذا ولم تتمكنا من العلاج ولو بصفة مبدئية، واستحالت الحياة بالوضع الذي هي عليه الآن، فما المانع أن تستعينا ببعض أهل الخير ممن يعيشون معكم، أو الاتصال بالأهل في بلدكم الأصلي لمساعدتكم.

فإذا لم يفد هذا أيضاً وباءت جميع المحاولات بالفشل، واستحالت الحياة على أي صورة من الصور، فأرى أن تعرضي عليه العودة إلى بلدك أنت وأولادك ولو على صورة إجازة سنوية، وأن تكوني صادقة في ذلك، وهنا في بلدك يمكنك البحث عن حل مناسب لتلك المشكلات التي عجزتم عن حلها في بلاد الغربة.

اعلمي أختي صابرة أنه لو صدقت النوايا لتنزلت الرحمات وجاء الفرج من الله، فاجعلي هذا هدفك الأول والأخير، واسألي الله الإعانة على حل مشكلات الأسرة كلها وليس مجرد النجاة بنفسك أنت وحدك؛ لأن الخسارة عندها ستكون أعظم مما تتصورين.

فاستعيني بالله وواصلي الصبر والبحث عن حل مناسب، وأكثري من الدعاء، وسيجعل الله لك فرجاً قريباً إن شاء سبحانه.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد والهداية والرشاد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً