الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا ملتزمة ومحجبة، ولكنني أحس أن الله غير راض عني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة محجبة وملتزمة -والحمد لله- وأتمنى رضا ربي، أحاول بكل الطرق أن أكسب حب ربي ورضاه علي، لكن للأسف لا أحس أنه يحبني، وهذا إحساس قاس جداً ويتعبني جداً، أريد حلاً لهذه المشكلة.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سوسو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظك وأن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يذيقك حلاوة الإيمان، وأن يرزقك رضاه عنك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يمنّ عليك بحياة طيبة مستقرة في ظل الاستقامة على منهجه -سبحانه وتعالى-.

إن الأمر لا يحتاج إلى بحث عن حل، لأن أول علامة من علامات رضى الله -تبارك وتعالى- عنك أن وفقك للطاعة، وأنك مازلت مستقيمة -ولله الحمد والمنة- وأنك تجتهدين في كسب رضاه سبحانه وتعالى، وأنك لا تقصرين في تنفيذ أوامره واجتناب نواهيه، هذه أعظم علامة من علامات رضى الله عنك، لأن العلماء نصوا على أن أكبر علامة من علامات رضى الله تعالى أن يوفق العبد لطاعته ورضاه، ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ورد في الحديث القدسي عن صاحب العظمة والجلال مولانا -سبحانه وتعالى- في الحديث القدسي: (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه).

إذن -بارك الله فيك- الآن أنت تؤدين الفروض التي فرضها الله -تبارك وتعالى- عليك، وأيضًا تلتزمين بالسنن التي حثك عليها النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-، وتتركين المحرمات التي حرمها الله -تبارك وتعالى- عليك، هذه أعظم علامة من علامات محبة الله تبارك وتعالى لك ورضى الله -تبارك وتعالى- عنك؛ لأنك لو لم يحبك الله تعالى ما أعانك على هذه الأعمال العظيمة، ولذلك كلما أكثرت من الطاعات والعبادات كلما كان ذلك دليلاً على زيادة محبة الله تبارك وتعالى لك، لأن أعظم الناس محبة لله تعالى هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي كان أتقى الناس وأعلم الناس وأخشى الناس لله -سبحانه وتعالى-، وهو الذي أقام الله به الدين وجعل سلوكه أسوة للعالمين.

ابنتي الكريمة: أتمنى أن لا تشغلي بالك بهذه الأفكار التي لا تقوم على أساس علمي متين، واعلمي أن أعظم علامة من علامات محبة الله لك التزامك بالشرع، وأنه يوم أن تقل محبة الله لك ستشعرين بأنك أصبحت إنسانة عادية لا تهتمين بالمحافظة على حجابك الشرعي ولا تهتمين بالفروض التي فرضها الله تبارك وتعالى عليك، ولا تعبئين بالوقوع في المعاصي، ويصبح الأمر عندك شيئًا عاديًا كحال الكثيرين -للأسف-.

المطلوب منك أن تتعلمي العلم الشرعي، وأن تجتهدي في معرفة العلم الشرعي الذي به تستقيمين على منهج الله تعالى؛ لأن مجرد المحبة القلبية ليست دليلاً على أن العبد قد أراد الله به الخير أو أن الله يحبه، وإنما أهم شيء أن نكون مستقيمين على منهج الله كما أراد الله على طريقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعليك أن تبحثي في طهارتك هل هذه الطهارة هي فعلاً نفس الطهارة التي علمنا إياها النبي -عليه الصلاة والسلام- أم لا؟ إذا كان عندك بعض القصور حاولي مثلاً أن تجبري هذا الخلل وأن تتعلمي السنة، كذلك في الصلاة، لأن من الممكن أيضًا أن تصلي، ولكن صلاتك خلاف صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

صحابي من صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام- في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُحسن الصلاة، ولذلك عندما رآه النبي عليه الصلاة والسلام يصلي قال له: (ارجع فصل فإنك لم تصل) في المرة الأولى والثانية والثالثة، إذن تأكدي من عباداتك هل هي عبادات صحيحة على أساس علمي متين؟ حينها عليك أن تقرئي من كتب أهل العلم ما تطمئنين به إلى أن تصرفاتك الشرعية سليمة، وأن حجابك الشرعي حجاب سليم، وحجاب شرعي وليس مجرد حجاب موضة أو عادة أو تقاليد؛ لأن بعض الأخوات الملتزمات تلبس مثلاً عباءة مطرزة، هذه ليست عباءة شرعية، تلبس مثلاً حجاباً على رأسها وفيه ألوان تلفت أنظار الناس وهي حسنة النية، ولكن هذا ليس هو الحجاب الشرعي أيضًا، أحيانًا من الممكن أن تتكلم مع بعض الشباب وأن تتوسع في الكلام معهم بدون ضوابط شرعية، قد تكون طالبة تدرس في المدرسة ونفاجىء بأنها تتكلم مع القاصي والداني، ويمكن أن تضحك مع شباب وتمزح معهم، وهي تقول أنا أحب الله تعالى، نقول: هذا التصرف يدل على أنك لا تعرفين ما المراد بمحبة الله تعالى.

فإذن أتمنى -بارك الله فيك- بجوار دراستك أن تجعلي لك ولو نصف ساعة أو ساعة يوميًا تقرئين فيها الكتب الشرعية المبسطة، تذهبين إلى أي مكتبة من المكتبات الإسلامية المشهورة عندكم مثلاً في مصر وتقولين أنا أريد مثلاً كتاباً في الفقه ويكون كتاباً مبسطاً، وأريد كتاباً في العقيدة مبسطاً، بشرط أن يكون هذا على منهج أهل السنة والجماعة، وبذلك تستطيعين أن تعرفي الأشياء التي ترضي الله تعالى فتفعلينها بإذن الله -عز وجل-، والأشياء التي لا ترضي الله تتركينها، وأتمنى أن تنظري في كتاب مثل كتاب (الكبائر) للإمام الذهبي، فإن فيه كل المحرمات التي حرمها الله -تبارك وتعالى- على المسلمين، أيضًا كتب السنة، كتاب ككتاب رياض الصالحين فيه كل معظم ما يتعلق بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، تقرئينه حتى تتأكدي أنك على الطريق الصحيح الذي أراده الله لك.

بإذن الله تعالى مع الوضع الذي أنت عليه والذي سوف تتعلمينه ستذوقين فعلاً حلاوة الإيمان، وستشعرين بالأنس بالله -تبارك وتعالى- والسعادة في عباداتك، عندما تصلين تشعرين بأنك سعيدة لأنك صليت، وعندما تواجهين أي مشكلة تشعرين بأن الله معك وأنه لن يتخلى عنك وأنه يحبك، ستشعرين بهذا -بإذن الله تعالى-.

أسأل الله لك السداد والثبات والهدى والتقى والعفاف والغنى، هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً