السؤال
سيدي الشيخ! سأحكي لك كل قصتي، وما أريده منك هو أن تنصحني ليس من موقع العالم فقط، بل كأب يرشد ابنته!
سيدي! أنا فتاة متدينة في بيئة بعيدة جداً عن الدين، التقيت منذ سنة بشاب متدين جداً، وأحبني أكثر مما يتصور أي إنسان، كنت حلمه، كان يدعو الله أن يختار له الزوجة الصالحة، وكان يراني كأن الله أرسلني له واستجاب دعاءه، كنت كل أماله في الحياة.
في البداية لم أكن أشعر تجاهه بالحب، لكني كنت أرتاح حين أراه، كنت أحياناً أحكي له ما أعانيه من مشاكل وخلافات؛ بسبب تمسكي بالدين، وعائلتي غير متدينة، فكان كلامه يريحني ويشعرني بالأمان، لكني كنت ألجأ إليه كأخ متدين، ولم أكن أعلم بمدى حبه لي، ثم عرض علي الزواج، فرفضت! والحقيقة سبب رفضي هو لأمرين: الأول أنه من بلد آخر ولا يستطيع أن يترك بلده، خاصة أن والده متوفى، وهو أكبر إخوته، ومسؤول عنهم، وأنا مع أن أهلي غير متدينين، لكني لا أريد البعد عنهم! والسبب الثاني مع أني كنت أرتاح بوجوده، وفيه من الدين والأخلاق ما يجعل أي فتاة تتمناه، لكني لم أجد لشكله قبولا في نفسي، مع العلم أنه ليس قبيحاً، لكني لا أجد شكله يجذبني، بل على العكس لا أحب شكله.
وقد رفضت طلبه للزواج، ولم أخبره عن نفوري من شكله، لكن تحججت بأهلي، لكنه أصر وانهار، وضعفت أمام حبه لي ويأسه وحزنه الذي رأيته حين رفضته، ولأني لم أحتمل أن يصيبه هذا بسببي، قلت له سأقبل، لكن في نفسي كانت نيتي أنه حين سيطلبني من أهلي سيرفضون، وعندها لن يكون لي ذنب في هذا.
وهو حالياً يحتاج بعض الوقت؛ ليكون قادرا على التقدم لي؛ لأنه يعمل بجد ويخبئ المال للخطبة، والزواج لكنه أيضاً يساعد أهله، وكان من المفترض أن يتقدم لأهلي بعد شهور قليلة، ولكن بعد أن قلت له سأقبل كان حبه لي وتعلقه بي يزيد ويزيد وخفت عليه من الصدمة حين يرفضه أهلي، ولم أكن أجد في نفسي استعدادا لأقنعهم به، فقررت انهاء علاقتي به؛ لأنه إن تركته الآن، سيكون أسهل من وقت لاحق؛ لأنه سيكون قد أحبني وتعلق بي أكثر.
وبالفعل قلت له أني فاتحت أهلي بالموضوع، ورفضوا، وحين قال لي أن أحاولهم، قلت له أني أحبه، لكني لا أستطيع ترك أهلي، ويا سيدي، هو الآن في حالة - الله وحده يعلمها - فغالباً ما يقع في مكان عمله، ويسعفونه إلى المستشفى؛ بسبب صدمته وحزنه، والمبلغ الذي كان يخبئه قال أنه سيتبرع به كي يقطع الأمل، ويتوقف عن التفكير بي.
وقال أنه سيخطب ويتزوج بأسرع ما يمكن؛ كي يقطع الأمل، ويكف عن حبي، لكنه قال لي أنه سيفعل هذا، وهو يعلم أنه لن يحب زوجته، ولن يحب غيري، وأنه بزواجه هذا يقتل سعادته ومستقبله.
هو- يا سيدي - بحال تصعب على الكافر، وهو - والله شهيد - لم يسيء إلي أبداً، بل على العكس وقف معي وساعدني كثيراً، وأحياناً أفكر أنه يستحق التضحية، لكني أنفر من شكله، أحياناً أرغم نفسي أن تقبل شكله، لكن الأمر ليس بيدي، فأنا أنفر منه!
وأنا - يا سيدي - الآن في حال الله أعلم بها، فإني أحس أني أذنبت ذنبا كبيراً أستغفر الله منه، لكني أخاف أن الله لن يغفر لي، كيف يغفر لي وقد دمرت حياة هذا المسلم الملتزم! وأحس بأن الله سيعاقبني بأن يحرمني الزواج، أو أنه سيرسل لي زوجاً يعذبني، وأشعر أني لن أتوفق في حياتي، ولا دراستي ولا شيء!
أعلم أني مخطئة، وكان علي أن أبقى على رفضي من أول مرة، لكن حاله - يا سيدي - قد فطرت قلبي، ولذلك وافقت، وأعلم أن ما فعلته حقير وسفيه، لكن والله والله إني فعلت ما فعلت عن حسن نية، فقد كانت نيتي أن أخلصه من عذابه في أول مرة، ولم أعلم أني كنت أدفعه إلى عذاب أكبر إلى الدمار.
ماذا أفعل الآن - يا سيدي - فأنا لا أستطيع إخبار أحد بهذا!؟ وإني في كل لحظة أحترق عليه، وأخشى أن يصيبه شيء! فإنه كل قليل ينزل معه الضغط والسكر، والطبيب يحذره أنه إن لم ينتبه لنفسه، فسيصاب بانهيار عصبي، فهو لا يأكل ولا يشرب إلا مرة كل عدة أيام! لو تعلم - يا سيدي - ما أعانيه من شعوري بالذنب وتأنيب الضمير وخوفي من الله!
أرجوك - يا شيخي - ماذا أفعل!؟ كيف أرتاح!؟ إن الموت أهون مما أنا فيه.