الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد وفاة أمي: طردنا أبي من البيت ومنعنا من زيارته، فكيف نتصرف؟

السؤال

السلام عليكم.

توفيت أمي يوم (20-08-2022) في المستشفى، لم يسمحوا لنا أن نحضر اللحظات الأخيرة، ولم أسمع منها أي كلمة، حتى قبل الوفاة بيوم، أبي سامحه الله يذكرها بشر، ويمنع الأشياء التي اشتريتها بمالي أن أتصدق بها عن أمي، وهو ليس محتاجًا لها.

طردني أنا وأخي، ولو لم نخرج، لجلب لنا الشرطة لنخرج من البيت، كانت أمي -يرحمها الله- تتصدق، وتصلي، وتصوم النوافل، وحتى في مرضها كانت تحمد الله كثيرًا، أبي ظلمها في حياتها وظلمنا، ونحن وإخوتي وحتى المجتمع يشهد بهذا.

أمي ماتت ووجهها منور أفضل مما كانت على قيد الحياة، وجسمها طاهر، ورائحتها طيبة.

خرجت وأخي إلى بيت بالكراء، ماذا نفعل؟! أنا في حيرة على أمي، أعلم أن الله كريم، وكانت تقول لي هذا، وأعمل جاهدًا بالدعاء والصدقات، وأبي لا يترك لنا مجالاً لبره، إذا ذهبت إليه سوف يجلب لي الشرطة، والله شاهد أني كلمته بأدب أن يكف عن ذكر أمي بأشياء غير صحيحة، وقال لنا الله يغفر لي ذنوبي، وأنتم لا، وهو يتبع "الصوفية" في ما يسمى بالزاوية، وقال كلّمت الله، وعندي مفتاح الجنة، وقعدت مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحكينا وضحكنا... وأشياء أستحيي من ذكرها، ولا يتسع هنا المجال لذكر كل شيء!

أفيدوني يرحمكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يرحم والدتك، وأن يسكنها الفردوس الأعلى في الجنة، وأن يغفر لها ما قدمت وما أخرت، وما أسرت وما أعلنت، إنه جواد كريم.

أولاً: إننا نحمد الله لك هذه الأم البرة التقية، والحمد لله أنها خلفت أبناء بررة مثلكم، ونرجو الله أن تكونوا سببًا في عدم إغلاق سجل حسناتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم :(إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له).

ثانيًا: بالنسبة لوالدكم حفظه الله وهداه، فهو من الناحية الفكرية يتبع منهجًا ضالاً، ومن الناحية السلوكية يتبع طريقة منحرفة عن الجادة، ومن الناحية التربوية يحتاج إلى توجيه وإرشاد، ورعاية وعناية، نعم أخي: والدك يحتاج إليكم أكثر من احتياجكم إليه، فالرجل إن أقبل على الله بهذه العقيدة الفاسدة، فالأمر جد خطير، ولذا نرجو منكم ما يلي:

1- التودد والتقرب إليه بما لا يدفعه إلى الغضب منكم، ولا طردكم.
2- إشعاره بأن تواصلكم معه لمحبتكم له، لا لغرض آخر.
3- لا تذكروا أمكم أمامه بشيء، وافعلوا ما تريدون من صدقة بدون أن تخبروه.
4- إن تمادى وأخطأ في حق الوالدة رحمها لله، فتجاهلوا الأمر ولا تردوا عليه، والتمسوا له العذر ، واعلموا أن المريض يحتاج إلى طبيب لا إلى مدرس.
5- اجتهدوا وأنتم توثقون علاقتكم به أن تبعدوه رويدًا رويدًا عن هذا الطريق، واقبلوا منه كل تراجع، ولو كان بسيطاً؛ فالتدرج في هذه المرحلة أفضل.
6- إن كان له من أصدقاء صالحين في مثل عمره، وعلى منهج السنة والجماعة، أو على الأقل ليس على مذهبه الفكري، فاجتهدوا أن تجمعوا بينهم لتكون له صحبة أخرى غير تلك الأولى.

أخي الكريم: إن استطعتم أن تجذبوه إليكم، وإن استشعر حاجته لكم وحرصكم عليه مع ما في قلبه من حب فطري لكم، نتصور ساعتها أن الأمور ستتغير كثيرًا.

أخي: نوصيك بآخرة والدك خيرًا، فما أجمل البر في مثل هذا الموطن، تحمل أذاه واصبر عليه، وارقب فيه مولاك ولا تيأس، فعسى أن يهديه الله في آخر حياته على يديكم، فتكونون قد ربحتم بره، ونجيتموه من حساب عسير.

نسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء على ما بذلتم، وأن يبارك فيكم، وأن يحفظكم، وأن يهدي والدكم .

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً