الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الحب الذي يوقعني في المعاصي والتجاوزات؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، أبلغ من العمر 19 عامًا، تعرفت إلى شاب عندما كان عمري 14 عامًا، ودامت علاقتنا بعدها، وكنا نتحدث في الهاتف إذا أتيحت لنا الفرصة، ونتقابل أحيانًا. في العام الماضي أدركت حقيقة ما كنت أفعل، واستشعرت خطئي، وندمت ندمًا شديدًا، فقررت أن أنهي علاقتي بهذا الشاب رغم أنني أحبه حبًا جمًّا، وهو أيضًا يحبني، ولم أر منه إلَّا الخير.

التحق هو بمهنة معينة؛ ممّا جعلني أزداد رغبة في إنهاء هذه العلاقة، نظرًا للتجاوزات الدينية التي تفرضها هذه المهنة في بلدنا، وبالفعل أنهيت علاقتي به، واستطعت أن أنساه قليلاً.

كنت أحاول جاهدة أن أتقرب من ربي كثيرًا، خصوصًا أني من عائلة متدينة، ولباسي محتشم، لكن علاقتي بهذا الشخص كانت دائمًا ما تشعرني بأني أخون والدي، ولا أحترم مظهري الديني.

بعد إنهاء العلاقة التي مر عليها 5 أشهر دون تراجع مني حدث أن راسلني في يوم من الأيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يومًا بعد يوم أصبحت أتحدث معه كثيرًا، وعدنا كما كنا في السابق (أي تلك العلاقة)، وأصبحت أدرس في مدينة بعيدة عن مدينتي، فصرت ألتقي به سرًا، وقبل أسبوع تقريبًا التقيت به ووقع بيننا تجاوزات جعلتني أعيش عذابًا ضميريًا عظيمًا.

سؤالي الآن -بارك الله فيكم-: كيف أتخلص من حبي لهذا الشخص وهو يحبني ولا يريد مفارقتي، ولكني لا أريد أن أكون في علاقة كهذه؛ لأنها تجعلني أتحسر على نفسي يوميًا، خصوصًا بعد الحادث الأخير؟!

انصحوني بنصيحتكم لابنتكم، بارك الله فيكم، فأنا في أمس الحاجة لنصحكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك أختنا الكريمة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك من كل مكروه، وأن يثبتك على الحق، وأن يغفر لك ما مضى، إنه جواد كريم.

أختنا الكريمة: قد آلمنا ما ذكرت، وصدمنا حين عدت إليه بعد أن ذقت طعم التوبة، وعرفت معنى الستر، كيف وقعت أختنا في هذا الدرك الآسن؟! كيف حصل منك ذلك التهاون، وأنت الفتاة الصالحة من البيئة الطيبة؟! كيف لمثلك أيتها الأخت أن تقع في مثل هذا المنحدر الخطير؟!

أختنا: هل فكرت لحظة لو كشف الله ستره ماذا سيكون حالك؟! هل فكرت لحظة في وجه أبيك وأمك وإخوانك وأخواتك وعائلتك وأصدقائك؟!
آه يا أختنا من هذه المصيبة، وهذه الفضيحة، والتي لا تساوي شيئا إذا جاء يوم الحساب وكشفت الأعمال أمام الله عز وجل، والناس تطلع على المسطور.

أختنا الكريمة: قد سترك الله مرة واثنتين، فاحذري فإن لله غضبة، متى ما حلت لا يقوم لها شيء، احذري فإن الله يغار أن تنتهك حرماته، احذري وخذي ممن لم يتعظ العبرة، فبعضهن والله انتحرت، وبعضهن خدعوها وصوروها من غير علمها، ونشروا صورها وحدثت مصائب كثيرة وعظيمة، في مقابل ماذا؟ في مقابل لحظة استولى الشيطان فيها على قلبك وعقلك، في مقابل غفلة أضاعت تدينك وأذهبت كرامتك ودنست عائلتك، هل والدك الذي أعطاك كل هذه الثقة كان يستحق منك ذلك؟!

أختنا: قد طلبت منا النصيحة، ونحن نحدثك كأخت لنا أو بنت لنا، وبناتنا في مثلك عمرك، والله يعلم أن الألم الذي أصابنا شديد، ونحن نحدثك كابنة لنا فاستمعي لنا، ونسأل الله سلامتك.

حتى تتخلصي من هذا البلاء لا بد من أمور:

1- لا بد من إحداث توبة صادقة لله تعالى، ومن شروط تلك التوبة: الإقلاع والندم والعزم على عدم العودة، وحتى يتحقق العزم لا بد من قطع كل وسيلة تواصل بينك وبين هذا الشاب، امسحي رقم هاتفه أو إيميله أو أي وسيلة كانت، وبعد ذلك غيري رقم هاتفك وإيميلك، وكل ما يمكنه أن يصل به إليك.

وحتى المدينة البعيدة التي علمها أو الجامعة غيريها من فورك، واذهبي لمكان آخر لا يستطيع أن يصل إليك، واحذري أن يبتزك أحد، لا تسمحي لهذا الشخص أو غيره أن يبتزك بأي وسيلة كانت، وإن حدث لا قدر الله فراسلينا وسنقول لك: ماذا تفعلين؟

2- هذا الشاب لا يصلح لك، ولو كان آخر رجال أهل الأرض لا توافقي عليه، ليس لما ذكرت من أسباب وفقط، ولكن كذلك لما وقعت فيه من ذنوب، وقد علمتنا التجارب وهي كثيرة جدًّا أن من يقع في المعصية مع امرأة ثم يتزوجها يظل طيلة عمره صريع الشك فيها، وحياتها تصير جحيمًا معه، ومعظمها تؤول إلى الطلاق وأكثر من ذلك، وعليه فهذا الشاب لا يصلح مطلقًا، فأغلقي هذا الباب فورًا وللأبد.

3- تذكري غضبة الله عليك وستره المرخي، واعلمي أن الستر لا يدوم.

4- لكل معصية أسباب دافعة إليها، فتجنبي تلك الأسباب، فلا تجلسي وحدك ولا تغلقي الباب عليك كثيرًا، ولا تنعزلي عن محيطك، بل ولا تدخلي غرفتك إلا عند النوم فقط؛ حتى لا تتركي مجالًا للشيطان يعبث بتفكيرك.

5- عدم التفكير مرة أخرى في هذا الأمر، والاجتهاد في نسيانه تماما.

6- عدم الحديث مع أي أحد فيما حدث، احذري أن تخبري أي إنسان أو أي صديقة، ولو كانت أقرب الناس لك، وحتى بعد فترة لو تزوجت لا تخبري زوجك حتى لو أصر عليك.

7- اجتهدي في الاستغفار والإكثار من النوافل، والصيام، والصحبة الصالحة، والإحسان إلى الوالدين على قدر ما تستطيعين، والدعاء أن يذهب الله هذا الهم عنك، ونحن بدورنا سندعو الله لك.

نسأل الله أن يردك إلى الحق ردًا جميلاً، وأن يسترك في الدنيا والآخرة، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً