الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى أني وقعت في الكذب على نبينا عليه الصلاة والسلام!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ فترة كنت أتناقش كثيرًا حول الجدل القائم على موضوع "الخلع"؛ فقد سمعت أو قرأت عنه في الحديث الخاص بالسيدة جميلة بنت أُبيّ بن سلول، وسيدنا ثابت بن قيس بن شماس، وكنت أقول: إن صحابيةً جاءت لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وقالت: "يا رسول الله، ما أعيب على زوجي شيئًا إلا أنني لا أطيقه إذا رأيته قادمًا في عصبة كان أقصرهم طولاً، وأقبحهم شكلاً، فأخبر نبينا الكريم الصحابي، فقال: "يا رسول الله تزوجتها بأحب مالي إلي، حديقتي إن ردتها إلي طلقتها، فسألها النبي صلى الله عليه وسلم "أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم وزيادةً"، فقال عليه الصلاة والسلام: (أما الزيادة فلا، ولكن حديقته) قالت: نعم، فأخذ ماله وخلى سبيلها.

ما نريد الزيادة، وكنت أقول: إن الصحابي هنا هو من طلق، وهو من اختار الافتداء، وبأنه له أن يختار، ثم بعد مدة رأيت "فيديو" فدخلت أبحث عن الحديث فلم أجده بهذه الرواية نهائياً، ورأيت أنه لا يختار إنما ترد له المهر تقريباً.

أنا لا أتذكر نهائياً ممن سمعت أو متى، أو هل سمعت أو قرأت هذا الحديث هكذا؟! وما التفسر الذي كنت أقوله؟ لكني على الأرجع لم أختلق كل هذه الرواية من عندي، بل إنني أتذكر أنه كان هناك رواية بلفظ، (طلقها حتى بقرطها هذا)، وروايات عن حالات افتداء الصحابة -رضوان الله عليهم- وتخدم رأي أن الرجل يقرر الافتداء، وكانت هذه الرواية فيما رأيت أو سمعت، ولا أظن أني لم أختلق كل هذا من عندي.

ماذا أفعل؟ أنا خائف من الذنوب، وعاهدت نفسي بعون الله أني لن أتكلم في الدين إلا بعد التأكد التام، لأني أظن بأني سأتكلم بما تهوى نفسي، فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فاعلم -بارك الله فيك- ما يلي:

أولاً: شكر الله لك تراجعك، وحسن نيتك، وسؤالك عن الحكم الشرعي، وهذا يدل على خير فيك، نسأل الله أن تكون أفضل مما نظن.

ثانياً: لا يخفاك -أخي الكريم- أن من أكبر الكبائر الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في ذلك الوعيد الشديد، ومن ذلك ما يلي:

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كذب عليَّ متعمِّدًا، فليتبوَّأ مَقْعَدَهُ من النار).

2- عن علي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تكذبوا عليَّ؛ فإنه من كذب عليَّ فَلْيَلِجِ النار).

3- عن المغيرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كذبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحد، من كذب عليَّ متعمِّدًا، فليتبوأ مقعده من النار).

4- عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أعظم الفِرَى أن يدَّعِيَ الرجل إلى غير أبيه، أو يُرِي عينه ما لم تَرَ، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يَقُلْ).

لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينشر حديثًا يُنسَبُ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يتحقَّق ويتيقَّن من ثُبُوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ينفع في ذلك حسن النية والقصد، أو إرادة الخير.

ثانياً: أنت قد سمعت ورويت ما سمعت، وهذا يبعدك -إن شاء الله- عن تعمد الكذب، فإذا أضفنا إلى ذلك جهلك بما ينبغي عليك التثبت منه قبل قوله، فإنت أبعد -إن شاء الله- عن هذا الوعيد.

ثالثاً: لا ينبغي عليك ترك الخير، أو ترك نصح المسلمين، أما هذا فواجب شرعي عليك تجاه إخوانك بالتي هي أحسن، فقط عليك التوثق من ذكر الحديث قبل ذكره.

بارك الله فيك وأحسن الله إليك، وجعلك من الصالحين المصلحين، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً