الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يغلب علي الخوف من الابتلاء، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا سيدة متزوجة، وأم لطفلين، ملتزمة ومتدينة والحمد لله، ابتليت في حياتي بصعاب فلم تكن حياتي سهلة ولله الحمد، وحلمت مؤخراً حلماً أخشى أن تفسيره المزيد من الابتلاء، وقدر الله أن أهلي في ابتلاءات أيضاً وأنا أحمل همهم كذلك.

في الفترة الأخيرة صرت أخشى الابتلاءات بعد أن بدأت أخذ دروس عن الصبر وأتعلمه وأطبقه على تفاصيل حياتي الصغيرة المزعجة لكي أستطيع أن أكون من الصابرين -إن شاء الله-، ولكنني سمعت أن المؤمن يبتلى وأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، فازداد خوفي من الابتلاء! وأصبحت أترقب وأخاف من الكربات، وأفكر في هذا الأمر معظم النهار، وأنا بغم كبير والله! وأفكر أن هذه الابتلاءات قد ترافق الشخص إلى أن يموت، وأنا والله بكربات، والحال يعلم به المنّان وحده، أسأل الله الفرج لي ولهم.

ما الحل؟ وأنا -إن شاء الله- من الذين يعملون بما يسمعون ما استطعت، أخبروني بآية أو حديث أو قصة عن الصالحين أعمل بها، أو ما الذي قد يساعدني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياقوت حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك اسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يعافيك وأن يرزقك السلامة في دينك ودنياك.

أختنا الفاضلة: قري عيناً وطيبي نفساً، واعلمي أن الله أقرب إليك منك، وأنه لطيف بعباده، كما قال سبحانه: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)، سبحانه من رب كريم منعم متفضل، يحدثنا عن لطفه حتى تهدأ نفوسنا وتطمئن قلوبنا، فهو اللطيف الذي يدرك الضمائر والسرائر، وهو اللطيف الذي يوصل عباده -وخصوصاً المؤمنين- إلى ما فيه الخير لهم من حيث لا يعلمون ولا يحتسبون.

ومن لطفه بعبده المؤمن، أنه لا يكلفه ما لا يطيق، ولا يتركه وهو متوكل عليه، ولا يخذله وهو مقبل عليه، بل أمره بالدعاء ووعده بالإجابة ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾[ غافر: 60].

أختنا الكريمة: ود الشيطان لو ظفر بك، ود الشيطان لو خوفك وأرهق تفكيرك، ود الشيطان لو باعد بين قلبك وبين معبودك، وهو لأجل الظفر بمطلوبه يحزنك ويشغلك بما لا قدرك لك عليه إذا غاب لطف الله عنك، وقد أخبرنا القرآن عنه بقوله: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران:175]

أختنا الفاضلة: أحسني في الله ظنك تسعدي، فالله تعالى مدح الذين أحسنوا الظن به، وأثابهم، وذم الذين أساءوا الظن به، فقال الله عنهم: (يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) سورة آل عمران:154، فحسن الظن من العبادات القلبية التي طالما غفل عنها كثير من المسلمين، قال الله تعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي؛ فليظن بي ما شاء، وقال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي؛ إن ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله).

وانشغلي بما ينفعك يطمئن قلبك، فالله قريب مجيب -أختنا الكريمة-، واسمعي لهذا الحديث بقلبك يقول الله في الحديث القدسي عن من أحسن الظن وانشغل بالذكر: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).

أختنا الكريمة: أنت والحمد لله مؤمنة، وقد ذكرت أنك تسألي لتعملي وهذا دليل خير فيك، لذلك وصيتنا أن تطرحي تلك الافكار من قلبك، وأن تحسني بالله ظنك، وأن تسأليه العافية، وأن تؤمني بأنه العليم الذي يعرف قلب عبده، الحكيم الذي يعلم ما يصلح قلبه، الودود الذي لا يخذل عبده، الرحيم الذي لا يسلم عبده، اللطيف الذي إذا ابتلى عبده أعانه على ما ابتلاه، وإذا دعاه عبده أجابه وآواه.

كوني على يقين بأن الفرج مع الكرب مقرون، وأن اليسر مع العسر، وأن العاقبة للمتقين.

وأخيراً: انشغلي بالطاعة والذكر عن التفكير في الغد، واعلمي أن ربا كفاك ما كان بالأمس سيكفيك ما يكون في الغد.

نسأل الله الكريم أن يعافيك وأن يحفظك وأن يجعلك من الصالحات المصلحات إنه هو اللطيف الخبير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً