الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاهد الله على ترك العادة السرية لكني لا أستمر، هل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أسأل الله العظيم أن يبارك في وقتكم جميعاً بسبب مساعدة الناس في أمور دينهم.

أنا شاب في مرحلة الشباب من عمري، لا أزكي نفسي على الله، ولكني -والحمد لله- ملتزم، وأحاول الوصول إلى ما يحب الله أن يراني عليه.

ابتليت منذ فترة بمعصية العادة السرية، ولكني أبتعد فترة وأعود كثيراً للتوبة في نفس اليوم، وتؤنبني نفسي، وأعود أيضاً، ورغم ذلك عاهدت الله كثيراً، ونفذت بعض الوعود، مثل أني قلت: إن فعلت كذا أصوم 3 أيام -مثلاً- وفعلاً نفذت الوعد ثم قلت: إن فعلت الذنب مرة أخرى فسأصوم خمسة أيام وأقرأ عشرة أجزاء، وأخرج صدقة مقدارها 100 جنيه، مثلاً، ثم رجعت وبدأت في قضاء الكفارة التي علي، وفي منتصف الطريق أصوم وأرجع، ثم أبدأ من البداية مرة أخرى.

الأمر الثاني، أنا في حيرة من أمري، لا أعلم ما إذا كنت أفعل ما أقول، فأنا -الحمد لله- عازم على التوبة، ولكن الذي أتساءل عنه هل أقضي ما علي؟ رغم أني رجعت وعدت وتكرر الأمر، ولم أؤد الكفارة!

الأمر الآخر: أنا يأخذني الحماس، وأقول: والله لن أفعل كذا، وأعاهد الله أن لا أفعل كذا، مثل قول: والله لأنازعن أصحاب محمد على باب الجنة، وبالفعل أحلف ولا أعلم حكم ما أحلف عليه حال الحماس، حتى أرغم نفسي على الطاعة.

الآن هل أصوم 3 أيام، وأقضي الكفارة أم أقضي ما علي، وهو خمسة أيام وعشرة أجزاء، و100 جنيه صدقة، وأنهي العهد أم ما زال العهد مستمراً؟

ماذا أقول حتى أبدأ صفحة بيضاء بدون ضغط، ولا عبء لا أتحمله، وأنهي هذا العهد؟ لأني لا أطيق العذاب الذي أنا فيه، وتأنيب الضمير المستمر.

أسأل الله التوبة والقبول، جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الفقير إلى الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب علينا وعليك لنتوب، ونبشرك بأن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

الإنسان إذا تاب من الذنب ينبغي أن يبعد أسبابه فيغض بصره، ويبتعد عن مواطن الإثارة، ويشغل نفسه بالمفيد، ويشغل نفسه بطاعة ربنا المجيد، بالمهارات المفيدة بالرياضات التي تستهلك طاقات الإنسان، تجنب أن تكون وحدك، لأن الشيطان مع الواحد، لا تتابع الخواطر التي تجلب لك الإثارة وتدفعك إلى الوقوع في هذه المعصية.

حقيقة نحن لا نشجع مسألة أن يعاهد الإنسان ويلزم نفسه، وهو ما يسمى بالنذر، والنذر حقيقة غير محبب من الناحية الشرعية إنما يستخرج من البخيل، فأنت ينبغي أن تصوم وتتصدق دون أن تشترط بهذه الطريقة، وعلى كل حال ينبغي أن تؤدي ما عليك من نذور، وتجتهد في أداء ما عليك ولا تحاول أن تستخدم هذا الأسلوب، ولكن اجتهد في أن تتوب، جالس التوابين، واطلب العلم الشرعي، ابتعد عن المعصية، تب إلى الله تبارك وتعالى، واقطع أسباب المعصية، وإذا وقع الإنسان بعد ذلك فعليه أن يتوب مرة أخرى.

قيل للحسن البصري نتوب ثم نرجع إلى متى، قال: حتى يكون الشيطان هو المخذول. وليس معنى هذا أن يتساهل الإنسان، لأن الإنسان إذا تمادى في المعصية فإنه يخشى على نفسه، الإنسان لا يدري متى تنخرم به لحظات العمر؛ لذلك الإنسان ينبغي أن يعجل بالتوبة، ويراقب الله تبارك وتعالى الذي يقول: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً).

نحن نرفض التسويف وتأجيل التوبة، ونرفض أيضاً فكرة أن تكلف نفسك بنذور إذا فعلت كذا سأصوم كذا وأفعل كذا، ينبغي أن تصوم دون هذا، لأن الصوم علاج، لكن دون أن تشترطه على نفسك وتلزم نفسك به؛ فالنذر كما قلنا يستخرج من البخيل، لأن الإنسان ينبغي أن يطيع الله من غير هذه الشروط، وينبغي أن يتوب من غير أن يدخل نفسه في مثل هذا الباب الذي يسبب له حرجاً كثيراً إذا استمر على هذا الطريق، نسأل الله أن يعينك على الخير.

سعدنا لأنك عازم على التوبة، وهذا هو الذي يهمنا الآن، فأكمل هذا المشوار، واعلم أن التوبة النصوح هي التي فيها إخلاص لله، صدق مع الله، ندم على ما مضى، توقف عن المعصية، بعد ذلك أيضاً اعزم على عدم العودة، وإن كان هناك حقوق للآدميين؛ فعليك أن ترد هذه الحقوق.

الأهم من هذا مما يعينك على الثبات على التوبة هو: أن تغير الرفقة، تتخلص من المواقع التي تدخل فيها، تترك الشوارع التي فيها تبرج مثلاً، تجتهد في أن تكون بين الشباب الصالحين، تبتعد عن الجنس الآخر، تهتم أيضاً بما تشاهد وبما تسمع، وتستعين بالله تبارك وتعالى، وإذا صدقت جاءك العون من الله، فاصدق مع الله، كن صاحب إرادة نافعة.

نسأل الله أن يتوب علينا وعليك لنتوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً