الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخبرته بأنني لن أتحدث معه مرة أخرى وأشعر بمشاعر متضاربة!

السؤال

السلام عليكم.

في موقع من مواقع العمل قام شاب غير عربي بإرسال رسالة لي، وأنا لا أتحدث مع الشباب إطلاقًا؛ لأن ذلك يؤدي إلى الفتنة، ولكننا ندرس في نفس التخصص، وهو يكبرني بسنة، وهو مسلم، وقد قمت بإخباره بأني متدينة؛ لكي يعلم حدوده، وأني لا أتحدث مع الشباب، فأبدى إعجابه بهذا.

ثم تحدثنا بصورة رسمية عن التخصص، ثم نصحته بالاهتمام بالعبادة والصلاة، وأن يكون مسلمًا صالحًا، ونصحته بأن يصلي الجمعة، ويقرأ سورة الكهف، ثم تفاجأت بأنه عرض علي فكرة الزواج؛ لأنه لن يجد فتاةً بشخصيتي، فأخبرته بأني ما زلت أدرس، وأن يترك هذا الأمر لله.

ثم تحدثنا عن بعض المعلومات العامة عن بعضنا، وليست الخاصة جدًا، مثل: الهوايات، وهكذا، ثم أغلقنا الموضوع، وقد حدث هذا كله في حدود أربعة أيام، ثم بعثت له رسالةً كتبتها على ورقة، بأنني لن أتحدث معه مرةً أخرى تجنبًا للفتن، وأن الشيطان يبعدنا عن الطريق الصحيح، وهكذا.

ولكني الآن أشعر بضيق، وبمشاعر متضاربة؛ فتارةً أقول: إن ما فعلته كان صوابًا، وتارةً أقول: بأنه شخص محترم، فكيف أتخلص من هذا التفكير؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

في البداية: هنيئًا لك التزامك بالشرع والأخلاق الإسلامية، وتقديمك لأمر الله على رغبات نفسك، ونحمد الله الذي حفظك من الانجرار وراء خطوات الشيطان، وقد أحسنت في وضع تلك الحدود الشرعية، وتذكير ذلك الشاب بحدوده، كما أحسنت عندما جعلت معيار الاختيار للزوج الدين والخلق، فهذا هدي الإسلام وسنة سيد المرسلين، والله لن يضيع التزامك، وطاعتك، وحفظك لحدوده سبحانه.

اعلمي -أختي الفاضلة- أن الزواج والاختيار كله بقدر الله وتدبيره، وقرار الزواج لا بد من أن يكون قرارًا مدروسًا بعناية؛ لأنها علاقة تدوم إلى الأبد، لذلك شرع الإسلام الخِطبة قبل قرار الزواج؛ ليحدث فيها التعارف والتفاهم وفق الضوابط الشرعية، ثم اتخاذ القرار النهائي بالزواج أو الترك، والتعارف داخل إطار الخطبة يكون تحت ظل الأسرتين وبعلم الناس وترحيبهم، وخلال فترة الخِطبة يمكن التفاهم على التفاصيل العامة والأساسية للزواج، وفهم شخصية كل طرف، مع العلم التام أن الخاطب لا يزال أجنبيًا على المخطوبة، ولا يحل له منها شيء.

أختي الفاضلة: مشاعر التضارب في نفسك طبيعية؛ لأن الإنسان لا يعلم أين يُخبئ الله الخير له، ولكنك في المسار الصحيح -والحمد لله-، فقد تصرفت مع هذا الشاب بطريقة صحيحة، فإن كان هذا الشاب فعلاً يرغب بالزواج منك، ويعرف الدين والشرع، وأعجب بأخلاقك، فإنه سيبادر إلى طريق الشرع والأصول، ويذهب لخطبتك من أهلك، وهنا إن كان لديك استعداد للزواج، والقبول بدين وأخلاق هذا الشاب، فلك أن توافقي، وإن كنت لست مستعدةً للزواج، فسينتهي الأمر، وتعودين لحياتك الطبيعية.

أختي الفاضلة- ذهاب هذا الشاب أو غيره لا يعني النهاية وعدم التوفيق لزوج آخر؛ فربما هناك من هو أفضل منه، فلا تعلمين ما يقدره الله لك، فاطلبي الخير دائمًا من الله قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، فحتى يرتاح قلبك لا بد من الإيمان الجازم أن الأقدار بيد الله تعالى، وأن شرع الله هو خير لك، وبالتزامك بشرع الله وحدوده سيعوضك الله خيرًا، قال تعالى (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين).

فلتكن ثقتك بالله كبيرة، واستخيري الله تعالى، وأكثري من الدعاء أن يختار الله لك الخير، فإن عاد هذا الشاب، فأخبريه أنه لا طريق يوصله إليك إلا طريق الشرع، فليبادر إلى خطبتك، أو ينتهي كل شيء بينكما، فإن كان في هذا الشاب أو غيره خير، فسوف يسُوقه الله إليك، ويُرضيك به.

أسأل الله أن يوفقَك للخير، ويرزقك الزوج الصالح، ويذهب همك ويُبلّغك مسألتك في طاعته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً