الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق ووساوس يعيشها الزوج تشعره بعدم حبه لزوجته

السؤال

الإخوة الأعزاء في الشبكة الإسلامية، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية أشكركم على جهودكم المتواصلة في خدمة الأمة الإسلامية، وأسأل الله أن ينفع بكم، ويجعل ذلك في موازين حسناتكم وبعد:

لقد عودتموني دائماً أن يكون نصحكم وتوجيهكم بلسماً شافياً من كل الجراح، وهذا والله ما عهدته في إجاباتكم على استشاراتي السابقة.

أما اليوم فأنا في مأزق حقيقي، وأسأل الله أن يكون خروجي منه بفضل الله على يديكم، وأن تتسع صدوركم لذلك.

إنني أعاني من مشكلة حقيقية، فبالرغم من أني إنسان ملتزم بحمد الله، وأعرف الصح من الخطأ، إلا أن هناك تجاوزات في بعض الأحيان.

لقد تزوجت منذ 4 أشهر للمرة الثانية بعد وفاة الزوجة الأولى بسنتين، وكان ذلك بعد دعاء يومي ومستمر على مدار سنتين ( لله جل وعلا ) أن يرزقني الزوجة الصالحة، وأنا موقن بالإجابة.

وعندما هممت بالزواج بحثت كثيراً، وجلست مع أكثر من (10) فتيات في حدود المباح شرعاً، دون أن أقتنع بواحدة منهن، وأخيراً انتهت إجازتي التي كنت أقضيها في بلدي، وأردت أن أعود إلى بلد الغربة حيث أعمل، وهذا يعني أنني سأنتظر سنة كاملة حتى الإجازة القادمة، وربما في ذلك الوقت أبحث وأبحث دون جدوى أيضاً، فأصرت علي والدتي أن أمدد الإجازة، وفعلت، وخلال فترة التمديد جلست مع فتاتين، وقررت أن أختار إحداهما واستخرت الله وتم الزواج، وكانت إنسانة صالحة محافظة متعلمة من عائلة محترمة، وجمالها مقبول.

وبعد عقد القران جاءتني وساوس وشعرت بندم شديد! وأحسست أني تسرعت بسبب ضيق الوقت، واستمرت تلك الوساوس ثلاثة أيام، لم أستطع معها الأكل أو النوم، لكنها بدأت تخف كلما جلست معها وتعرفت إليها أكثر، إلى أن تلاشت بحمد الله، وعملنا مراسيم الزواج ومكثت بعدها في بلدي ثلاثة أيام فقط، ربما كانت من أسعد أيام حياتي (سبحان الله، تغيير كلي!).

مشكلتي الحقيقية بدأت قبل أسبوعين (نحن الآن معاً في بلاد الغربة) حيث بدأت عندي حالة غريبة من القلق والوسوسة، شبيهة بالتي حدثت في الماضي لكنها أخف، وقد سببت لي شبه اكتئاب، فبدأت أحدث نفسي وأطرح عليها تساؤلات:

لماذا تزوجت هذه؟ لماذا لم أنتظر حتى الإجازة القادمة؟ أنا أستحق أفضل من هذا الجمال وتلك الصفات؟

مع أني والله على يقين تام بأنه ما ندم من استخار، إلا أني أعيش في حالة لا أستطيع معها إخفاء هذا القلق، حيث تسألني زوجتي دائماً: لماذا تحملق بي؟ ولماذا أنت شارد الذهن؟ وفيم تفكر؟ لكني لا أستطيع أن أجيبها، فأبدأ في البكاء وهي تضمني وتحنو علي كالطفل.

أستميحكم عذراً بسبب الإطالة، ولا أريد أن أسترسل أكثر من ذلك، فكما أخبرتكم بأني أعرف أن الله يجيب عبده إذا دعاه، وأن هذه هي الإنسانة المناسبة لي، وأعرف معنى قول الله: (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ))[البقرة:216]، لكني أريد أن أسمع منكم كلام الدين والإيمان، لعل الله أن يغير الحال بأحسن حال، فأنا إنسان ضعيف، مشكلة صغيرة أو كلمات قليلة يمكن أن تسبب لي قلقاً وحزناً! وبالمقابل كلمات قليلة أخرى جميلة يمكن أن تنقذني مما أنا فيه ( لا أدري أي نوع من الأمراض هذا أو أي نوع من البشر أنا).

أفيدوني أفادكم الله بالسرعة الممكنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Dirar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يذهب عنك هذه الوساوس والهموم، وأن يملأ قلبك سعادة وغبطة وسروراً، وأن يملأ قلبك بمحبة أهلك.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فمما لا يخفى عليك أن الشيطان – لعنه الله –قعد لابن آدم بأطرقه كلها كما أخبر الحبيب عليه الصلاة والسلام، وأنه له بالمرصاد يكيد له ويمكر به ويزين له ما لا يرضى الله، ويدخل الحزن والهم والغم على قلبه، ويلقى فيه الوساوس والشكوك إلى غير ذلك من صور كيده وعدوانه التي لا تنتهي؛ لأنه يعز عليه أن يرى المسلم في حالة طيبة، أو نفس مطمئنة، أو في سعادة وأمان.

وأتصور أن ما تعاني منه أخي الكريم ما هو إلا طريقة من طرق حرب الشيطان لك، حيث يحرص على أن يكدر خاطرك ويعكر صفوك، حتى لا تهنأ بحياتك رغم أنك بذلت ما يمكن بذله من الاستخارة والاستشارة، هذا هو الجانب الأرجح في تشخيص مشكلتك من وجهة نظري، حيث أنه لا يبدو لي أي سبب ظاهر يمكن من خلاله تحديد أسباب هذه الحالة الغريبة، لأنها لو كانت سحراً أو حسداً لاستمرت بدون توقف غالباً، وإن كنت أنا شخصياً أفضل دائماً استعمال الرقية في مثل هذه الأحوال وأنصحك كذلك بها، حاول أن ترقي نفسك بآيات الرقية وأحاديثها المعروفة، لعل وعسى أن يكون هذا الشيطان قد سلط عليك من يفعل بك ذلك، ومما لاحظته من خلال رسالتك، إيمانك بالله ورضاك بقضائه وقدره، وهذه هي أهم عوامل النجاح والاستقرار والفوز على هذا العدو اللعين، إلا أنك في حاجة إلى مزيد تفعيل لهذه الطاقة الإيمانية الرائعة، ما دامت هذه الفتاة هي قسمتك التي قسمها الله لك، فماذا عدم الرضا إذن؟ يستحيل أن تكون زوجة لك بدون إرادة الله، إذا هي اختيار الله لك، فهل يعقل ألا نرضى بخيره الله، خاصة بعد أن استخرته وسألته لسنتين متتاليتين.

هل تظن أن الله يضيعك بعد هذا كله، وهل الجماع هو العامل الأول في اختيار الزوجة؟ وماذا لو كانت ملكة جمال بغير دين؟ أتصلح لمثلك؟ لا اعتقد!، ثم يأتيك الشيطان قائلاً لك لماذا تعجلت؟ هل تظن أنه يقع في ملك الله ما لا يريده الله؟ مستحيل أخي مستحيل!، ألم تسمع قوله جل في علاه (( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ))[القمر:49] إن زواجك بهذه الفتاة جاء وفق إرادة الله وقضائه وقدره، وفي الوقت الذي حدده لك قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.

إياك أن تستسلم لهذا اللعين، بل أكثر من الاستعاذة بالله من همزه ونفخه ونفثه، ادع الله بإلحاح أن يرد كيده عنك كلما أتتك تلك الوساوس، استعذ بالله واتفل عن يسارك ثلاثاً وغير مكانك أو هيئتك، وأكثر من الدعاء، وحافظ على الأذكار المشروعة في كل وقت، خاصة يا حي قيوم برحمتك استغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلمني إلى نفسي طرفه عين، تأكد من أنها مرحلة وستمر، وثق بأنك قادر على اجتيازها بتوفيق الله تعالى، وأكثر من الرقية، خاصة التهليل يومياً مائة مرة صباحاً ومساءً، وأنا واثق أنك ستنتصر نصراً مؤزراً على هذا الشيطان اللعين.

مع تمنياتنا لكم بالتوفيق والسعادة.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً