الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نقل الكلام بين الصديقات وكيفية إصلاح الأمور.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كان لدي ثلاث صديقات، وكانت اثنتان منهنّ تعرفان بعضهما معرفة سطحية، وفي وقتٍ سابق نصحتُ صديقتي الأولى بالابتعاد عنهما، لأن صديقتي الثانية كانت تتنمّر على الآخرين، وتأخذ كل شيء على سبيل المزاح والسخرية والاستهزاء.

أمَّا الصديقة الثالثة، فقد كنا نتحدّث ذات مرة عن الكتب، وعرضتُ عليها كتابًا مفيدًا يحتوي على نصائح وأمور دينية، سألتني: "من أين حصلتِ عليه؟" فأجبتها أن صديقتي الأولى هي من أعطتني إيّاه، فقالت: "منذ متى وهي تقرأ مثل هذه الكتب؟" استغربت من كلامها وسألتها: "لماذا؟ هل سمعتِ شيئًا عنها؟" فقالت: "لا، فقط هكذا"، فقلت: "تمام"، وبعد ذلك أخبرتُ صديقتي الأولى بما قالته، ونصحتُها بالابتعاد عنهما.

هل ما فعلتُه كان خطأ؟ وإذا كان كذلك، فما هو الحل الصحيح؟ وهل يجب أن أحاول إعادة العلاقة بينهنّ؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

سؤالكِ مهم، وينمّ عن حرصكِ على علاقاتكِ وضميرٍ حيّ، وهذا شيء يُقدَّر، وحسب ما ذكرتِ في سؤالك، فإنّ لديكِ ثلاث صديقات:

• صديقتكِ الأولى: يبدو أنها شخص طيّب، أو على الأقل علاقتكِ بها قوية.
• صديقتكِ الثانية: لها سلوكيات غير لطيفة، كالتنمّر والسخرية والاستهزاء.
• الصديقة الثالثة: علّقت على الأولى تعليقًا مستغربًا وسلبيًا قليلًا بعبارة: "منذ متى وهي تقرأ مثل هذه الكتب؟".

وترتّب على ذلك أنكِ نقلتِ هذا الكلام من الصديقة الثالثة إلى الأولى، وقد سألتِ الثالثة عن قصدها قبل النقل، لكنها أنكرت وجود نية سيئة، ثم بناءً على هذا التعليق البسيط وغير المباشر، نصحتِ الأولى بالابتعاد عن كلتيهما.

أمَّا عن سؤالكِ: هل ما فعلتِه كان خطأ؟
إن ما فعلته لم يكن الخيار الأمثل، وفيه نسبة من الخطأ؛ فنقل الكلام -ولو كان بدافع حسن النيّة- قد يؤدي إلى خلق فجوة بين الأشخاص، حتى إن لم يتضمّن إساءةً صريحة، ومع أن نيتكِ كانت طيبة، إلا أن الطريقة قد تُفهم على أنها سبب في إحداث فرقة، أو سوء فهم.

أمَّا عن الحلّ الصحيح أو الأفضل في هذه الحالة، فيتمثل في أن يكون التعامل مع كل شخصٍ على حدة، حسب سلوكه وطبيعة شخصيّته، دون تعميم أو إصدار أحكام مسبقة على الآخرين.

بالنسبة لصديقتكِ الثانية: فإن كانت تمارس التنمّر فعلًا، فمن المناسب مواجهتها بلطف، أو وضع حدود واضحة معها في التعامل، لكن لا داعي لتحذير الآخرين منها، ما لم يكن هناك موقف مباشر يؤذيهم، أمَّا تعليق الصديقة الثالثة، وإن كان يبدو غريبًا، إلا أنه ليس جارحًا بشكلٍ صريح، وربما كان من باب الاستغراب، لا السخرية، وعند سماع تعليق سلبي من أحد، يُستحسن أن تطلبي منه توضيح مقصده، بدلًا من التسرّع في نقل الكلام، مع التفكير في المصلحة أو الضرر الذي قد يترتّب على ذلك لاحقًا.

بخصوص سؤالك: هل يجب أن تحاولي إعادة العلاقة بينهنّ؟
فليس من الضروري إعادة العلاقة بينهنّ جميعًا، لكن إن شعرتِ أن ما حدث كان سوء فهم، وليس أذًى فعليًا، فالأفضل محاولة توضيح بعض نقاط الالتباس، أو فتح باب الحديث بشكل وديّ وغير مباشر، مع الصديقات الثلاث، كأن تجمعيهنّ في نقاش حول موضوع عام يهمّ الجميع، وتُشجّعي الحوار بطريقة إيجابية.

أمَّا إن كان هناك ضرر أو أذى متكرّر (كالتنمّر أو الاستهزاء) فمن الأفضل أن تكون كل واحدة على مسافة آمنة من الأخرى، مع الحفاظ على الاحترام المتبادل، وتجنّب الإحراج أو التوتر في العلاقات، وليس المطلوب منكِ إصلاح الجميع، بل يكفي أن تكوني عادلة في تعاملاتك، وتسعي لأن تكون علاقاتكِ إضافة طيبة في حياتكِ وحياة من حولك.

أخيرًا: نشكر لكِ سعيكِ الحثيث للبحث عن الأفضل في علاقاتكِ، وحرصكِ على استمراريتها بروح إيجابية وناضجة، ونسأل الله أن يجعلكِ دائمًا جسرًا للخير لا للفرقة، ومصدرًا للرحمة والنور في محيطكِ.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً