الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تصر على الزواج بشخص غير مسؤول!

السؤال

والدي متوفى، ولي أخت تكبرني بسنتين، وهي بكر، وسبق أن خُطِبت، ولكنها انفصلت عن خطيبها، وكنت صغيراً وقتها، ولم يتم السؤال عن الخاطب، وكان غير مناسب أخلاقياً، ولذلك ألغت أختي الخطوبة.

مرت السنوات ورفضت أختي مبدأ الزواج إلى أن تعدى عمرها ال45، وأخبرتني أن هناك شاباً يريد الارتباط بها، ولكن أهله -خاصة أبوه- رافضون للموضوع، ولن يأتي معه أحد من عائلته للتقدم، وحاله ميسور جداً، وأيضاً هو بعمر أقل من عمرها بعشر سنين، وقد تزوج مرتين وطلق، وله ابن من الزوجة الأخيرة.

تحفظت على كون أهله غير موافقين، وبأنه تزوج مرتين في بيت أبيه، وطلق، ولكن لإصرار أختي قمت بالسؤال عنه، وعن أهله في العمل، وللأسف؛ شهد جيرانه وزملاؤه في العمل بأنه شخص غير مسؤول، وشخصيته ضعيفة ومهزوزة، وأنه أيضاً بخيل، وأن والده متكبر ومتعجرف، ولا يُطاق، ويتحكم فيه كلياً، وأن المرأتين اللتين كانتا زوجتيه كانتا على مستوى من الخلق والاحترام العالي جداً، منهما واحدة تعمل معه، وطلقها، وهي الآن متزوجة، وافتعل أبوه وأمه مشاكل معهما، لدرجة أن أباه قد قطع المياه عن آخر زوجة له، وعند الانفصال بنى حائطاً على باب شقة الزوجة لمنع الزوجة من أخذ عفشها عند الطلاق، وتدخل بعض الجيران.

كل ذلك كان على مرأى ومسمع من الشاب الزوج، ولم يستطع الدفاع عن زوجته، وعند نصحه من أهل الخير والإصلاح رفض، وأصر على تطليق زوجته الثانية، حتى لا يعصي والديه، رغم أنها أم ابنه، وشهد الناس أنها سيدة غاية في الأخلاق والاحترام، وعندما قلت لأختي بما حدث وما شهده الناس في عمل الشاب، وفي بيت أبيه، وعن زوجاته السابقات، وأنه شخصية غير مسؤولة، وضعيفة، فوجئت أنها تعرف هذه التفاصيل، وأنها متفقة أنها ستتزوج بعيداً عن أهله، فلا توجد مشكلة.

أنا غير موافق على هذه الزيجة في ظل سوء سيرة والده، وشخصية الشاب المهزوزة، واستهتاره وتخليه عن زوجتيه السابقتين، ولكن أختي افتعلت معي مشكلة، وتصر على الزواج منه، وأعتقد أنه أغراها بمستواه المادي، ومستوى أبيه.

أنا رفضت هذا الموضوع؛ لأني مسؤول أمام الله أن أحميها، وقد نصحها أقارب لها أيضاً، وتحدثوا معها أنه غير مناسب لها.

علماً بأني وليها، لوفاة أبي وأعمامي، ولا يوجد إلا خال لنا، وكنت أنتظر أن تتحدث مع خالها، ولكنها تتحفظ ولا تحدثه، حتى لا تقاطعني وتقاطع إخوتها لهذا السبب.

ما حكم الشرعي في ذلك؟ وهل يجوز لها مخالفة وليها الشرعي وهو أخيها، وأيضاً أهلها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

نتفهم حديثك جيداً، وندرك أبعاده، وقد سألت عن الحكم الشرعي، وهنا لا بد أن نخبرك ابتداء بأن أركان عقد النكاح في الإسلام ثلاثة:

أولاً: وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح، كالمحرمية من نسب أو رضاع ونحوه، وإذا كان الرجل كافراً والمرأة مسلمة، إلى غير ذلك.

ثانياً: موافقة ولي الأمر أو من يقوم مقامه.

ثالثاً: حصول القبول، وهو اللفظ الصّادر من الزوج أو من يقوم مقامه.

عليه لا يحل شرعاً للمرأة أن تتزوج بدون إذن الولي بكراً كانت أم ثيباً، على قول الجمهور، لقوله تعالى: (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) وقوله تعالى: (ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) وقوله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم).

خاطب الله تعالى الولي بعقد نكاح موليته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له).

إن منعها وليها من الزواج ممن تريد بغير عذر شرعي انتقلت الولاية إلى الذي يليه، فتنتقل من الأب إلى الجد مثلاً.

أخي الكريم: هذا عن الحكم الشرعي، لكن دعنا نتحدث معك سويا عن موقف الأخت، وهي في منتصف الأربعين، وقد أدركت أنها أصبحت عانساً، وأن هذه آخر فرصة لها، وهي مدركة كذلك أن هذا ليس هو الأنسب لها، لكن أفضل عندها من حياة العوانس، وعلى أمل أن يصلح حاله، أو أن ترزق منه مولوداً يؤنسها بعد ذلك.

إذا كان الأمر كما ذكرنا؛ فلا شك أن رفضكم سيكون له آثار سلبية عليها، وقد يدفعها ذلك إلى الزواج المدني أو العرفي، وتكون المصيبة أكبر، فإذا لم يحدث ذلك ولم تتزوج فلربما كانت هناك قطيعة معك أو مع أرحامها تظل ملازمة لها.

لذا ننصحك بنصحها، وإعلامها بعواقب قرارها، فإن أصرت فاجتهد أن تقلل الأضرار ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً