الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رغم تخلصي من الوساوس إلا أن الشكوك لم تختف تماماً!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم على هذا الموقع النافع.

كنتُ منذ نحو أربع سنوات مصابًا بالوسواس القهري، وكانت حالتي سيئة للغاية، فذهبت إلى طبيب نفسي، وكتب لي دواء بروزاك (Prozac)، فتناولته لمدة سنة تقريبًا، وتحسّنت حالتي كثيرًا، حتى إن الشكوك كانت تأتيني، لكنني لم أعد ألتفت إليها.

مع ذلك، لم تختفِ هذه الشكوك تمامًا، بل كانت تطرأ أحيانًا دون أن تؤثر عليّ، وعندما سألت الطبيب: متى سأتوقف عن تناول الدواء؟ لأنني كنت أخاف من الأعراض الجانبية، لم يجبني إجابة واضحة، عندها أدركت أنه ربما يريدني أن أستمر عليه مدى الحياة.

وقد كنت قرأت في هذا الموقع أن الإنسان إذا شغل نفسه بما ينفع، ومارس أنشطة مفيدة، مثل الرياضة، يمكنه أن يتوقف عن استخدام دواء الوسواس، فقررت حينها أن أتوقف عن الدواء من تلقاء نفسي، دون استشارة الطبيب، وتوقفت فجأة، وأدركت لاحقًا أن هذا كان تصرفًا خاطئًا.

لكن لم تحصل لي مضاعفات، وأنا أحمد الله حمدًا لا ينتهي، فحالتي الآن ممتازة، وأعيش حياتي بشكل طبيعي، ويمكنني القيام بجميع الأنشطة، مثل: المذاكرة وغيرها، ومشكلتي الوحيدة الآن أن الشكوك لا تزال تأتيني يوميًا، لكني أتجاهلها، ولا أشعر بالضيق.

سؤالي: هل هذا الأمر طبيعي ويعد جزءاً من شخصيتي؟ وهل سيعالج ويختفي مع مرور الوقت، أم أنه من الطبيعي أن أتكيف معه مدى الحياة؟ مع العلم أنني تركت الدواء منذ ثلاث سنوات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب.

بالفعل، الوساوس كثيرًا ما تكون مرتبطة بالمرحلة العمرية عند الإنسان، فمثلًا: مرحلة الطفولة المتأخرة هي إحدى الحلقات الأولية التي تكثر فيها الوساوس، وتكون وساوس عارضة، وكذلك مرحلة اليفاعة -المراهقة-، ومرحلة البلوغ، وما بعد البلوغ؛ قد تنتاب الإنسان بعض الوساوس.

الحمد لله أنت تغلبت على هذه الوساوس بإرادتك، وبمساعدة العلاج الدوائي، وعقار (بروزاك - Prozac) يعتبر دواءً ناجعًا وفاعلًا، ويتميز بأن الانقطاع المفاجئ عنه لا يؤدي أبدًا إلى أي أعراض انسحابية شديدة؛ وذلك لأن البروزاك إحدى ميزاته أن الكبسولة تحتوي على ما يعرف بالإفرازات الثانوية، وهذه الإفرازات تبقى في دم الإنسان لمدة تصل إلى أسبوعين، مما يجعل الدواء لا ينقطع تأثيره بصورة مفاجئة، وعمومًا هذا ما حدث معك، فقد استفدت كثيرًا من هذا العلاج.

وأنا أقول لك: لست بحاجة لعلاج دوائي آخر، حالتك -الحمد لله- ممتازة، وما يأتيك من شكوك تعامل معها من خلال التجاهل والتحقير، ولا تُحلِّلها أبدًا، واصرف انتباهك عنها، بأن تدخل في نشاط ذهني آخر، كأن تُفكِّر في أمور جميلة في حياتك، هذا نوع من الانصراف ومن الوسائل الجيدة جدًّا.

تجاهل الوساوس والانصراف عنها هو إحدى الوسائل الناجحة والجيدة جدًّا، وأريدك أيضًا أن تحسن إدارة وقتك؛ لأن الوساوس والشكوك كثيرًا ما تتصيَّد الناس في أوقات الفراغ، ويجب أن تجعل لحياتك أهدافًا واضحة، وتضع الآليات التي توصلك إلى تحقيق هذه الأهداف؛ هذا كله يؤدي إلى إزاحة الشكوك والوسوسة والتوترات الأخرى.

احرص على ممارسة الرياضة؛ فإنها تقوي النفس كما تقوي الجسد، واحرص على حسن إدارة وقتك وحياتك، وكن شخصًا ذا أثر إيجابي في أسرتك، ولا تقبل لنفسك التهميش أبدًا.

بر الوالدين يفتح لك آفاقًا عظيمة في الحياة، وكذلك الصلاة في وقتها، ويجب أن تلتزم بواجباتك الاجتماعية، وأن تكون لك صداقات فاعلة وبنَّاءة مع الصالحين من الشباب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً