الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي مقصرة في أمور مهمة ولا تسعى لعلاجها، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا خالد، عمري 25 سنةً، خريج بكالوريوس، تزوجت قبل 4 أشهر من بنت عمرها 18 سنةً، غير متعلمة، ولا تجيد القراءة جيدًا، ولا تحفظ غير شيء قليل من القرآن الكريم، حاولت أن أعلمها بنفسي، لكنها ليست مهتمةً.

أقنعتها بالدخول في حلقات القرآن، فاقتنعت، لكنها تختلق الأعذار؛ حتى لا تذهب أغلب الأوقات، ولا تهتم بنظافة البيت أيضًا، ولا تهتم بأي شيء غير النوم.

المشكلة الأكبر أن لديها برودًا كبيرًا جدًا أثناء العلاقة الزوجية؛ مما جعل حياتي مريرةً، حاولت التأقلم معها، وتعليمها واجباتها، لكنني أشعر كأنني أتكلم مع شخص (أطرش)، تهز رأسها فقط، وكأن شيئًا لم يكن، ولم تتحسن نهائيًا، وللعلم فهي حامل في الشهر الأول، وتركت حلقات القرآن بحجة التعب.

باختصار: ليست لديها أي اهتمامات أو انجذاب لشيء معين نهائيًا، غير النوم والجلوس، وقد فكرت بالطلاق والخروج من هذا الوضع المرير، خشية الأيام المقبلة، لكن الحمل أصبح عائقاً في طريقي، فما الحل؟

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بكَ -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لكَ الاهتمام، وقد أسعدنا تواصلك مع الموقع قبل اتخاذ القرار؛ لأن القرار الصحيح يحتاج إلى دراسة، وتشاور، واستخارة، ونظر في عواقب الأمور ومآلاتها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهدي هذه الزوجة إلى الخير، وأن يكتب لكم التوفيق والسعادة، وأن يلهمها رشدها، وأن يُعيذنا جميعًا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

ما ذكرت من السلبيات أمرٌ مزعج، لكن كنا بحاجة إلى أن ننظر إلى ما فيها من الإيجابيات؛ لأن الإنسان ينبغي أن ننظر إليه نظرةً شاملةً، والنبي ﷺ قال في شأن المرأة: "فإن كره منها خلقًا رضي منها آخر"، وهذه دعوة لإقامة هذا الميزان من العدل؛ لأننا رجالًا ونساءً لا نَخلو من العيوب، ولا نخلو من النقائص، ومن الذي تُرضى سجاياه كلها؟ كفى بالمرء نُبلًا أن تُعدّ معايبه، لن يجد الرجل امرأة بلا عيوب، ولن تجد المرأة رجلًا بلا نقائص.

هذه النقطة الأولى: أن تكون النظرة إلى للموضوع نظرةً شاملةً.

الأمر الثاني الذي نطالبك به هو: أن تُوقف النقاش، وتوقف التفكير في أمر الطلاق، أو إثارة المشاكل، حتى ييسّر الله -تبارك وتعالى- الخروج الآمن لهذا الجنين؛ لأن التوترات والمشكلات تترك آثارًا خطيرة جدًّا على الجنين وعلى أُمِّه، ولذلك تأجيل هذا الموضوع، والقيام بما عليك، والاستمرار في تذكيرها بالله -تبارك وتعالى- بلطفٍ، والاجتهاد معها، ومساعدتها في هذه المرحلة، من الأمور الأساسية التي تحقق مصلحةً كبرى.

لأنه حتى لو حصل الطلاق تبقى الوالدية، ويبقى احتياجكما إلى أن تكونا عونًا لبعضكما في سلامة هذا الطفل، وخروج آمن وطبيعي، وبعد ذلك نشأته نشأةً سليمةً.

بعدها من المهم جدًّا أن يكون هناك تفكير في مخاطبتها بمنتهى الوضوح في تطوير نفسها، وتحسين حالها، وقد يكون للخالات والعمات والمؤثرات دور كبير في هذا الجانب، وخاصةً مَن لهنَّ علاقة وثيقة بها من محارمك، ويستطعن أن يُعِنَّها على أن تقوم بأدوارها كزوجة، والاهتمام بنفسها، وسنرى الآن اهتمامها بطفلها، وهناك مسائل غاية في الأهمية.

ولذلك ننصحك بألَّا تستعجل في أمر الطلاق، ولا في أمر مناقشة هذا الموضوع في هذه المرحلة، مع الاستمرار في النصح والقيام بما عليكَ، وتشجيعها، وإظهار الفرح لها عندما تفعل أشياء صحيحة، كاهتمامها بنفسها، وحاول أيضًا أن تجعل دراسة القرآن مشتركةً بينك وبينها، واختر لذلك الأوقات الجميلة،؛ فإن المرأة تحتاج إلى من يُرغّبها، وكذلك كل إنسان، وشكركَ لها، والثناء على الحسنات القليلة هو الذي سيأتيك بالحسنات الكثيرة.

أكرر دعوتنا لكَ بتقييم الموضوع تقييمًا شاملًا، وبعد ذلك الاستخارة والاستشارة، ونحن نسعد بأن يكون لكَ تواصل مستمر مع هذا الموقع. ناقشها، حاورها، كلّمها، ويمكن أن تنقل لنا ما عندها، والطريقة التي تفكر بها، واعلم أن كثيرًا من النساء قد يكون نجاحهن في اهتمامها بطفلها، وفي تربيتها له، وقد تظهر جوانب إيجابية بعد ذلك.

لكن نؤكد على دعوتنا لك إلى تهدئة الوضع في هذه المرحلة، وليس معنى ذلك أن يصبر الإنسان وهو فاقد لحقوقه؛ فإن الشرع أباح للرجل مثنى، وثلاث، ورباع، ولكن كل ذلك ينبغي أن يكون بوقته الصحيح، ولا نؤيد الاستعجال في الطلاق، وقد يكون الحل هو أن تتزوج بغيرها، وكل هذه الحلول يُتيحها لكَ الشرع، ولكن نحن بحاجة إلى دراسة شاملة، وإلى نظرة شاملة؛ لأن القرار الصحيح هو الذي ننظر فيه إلى عواقب الأمور، ومآلاتها، ونتائجها، والبدائل المتاحة، والتوقعات لأي قرار: ماذا سيحدث بعده، وقبل ذلك الاستخارة والاستشارة، ولن يندم من يستخير، ويستشير، ويتوكل على السميع البصير -سبحانه وتعالى-.

نسأل الله لنا ولكَ ولها التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً