الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاقتي بزوجتي باردة بسبب اهتمامها الكبير بالأولاد!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجتي تفضل الأولاد عليّ، وتعطي أهمية لهم كثيرًا؛ لدرجة أنها تجبرني على أن يناموا عندنا في غرفة نومنا! وهذا الشيء جعل العلاقة الزوجية باردة، والإحساس مني بعدم القدرة بفعل هذه العلاقة؛ مما أدى إلى الإحساس بالضعف الجنسي والجسدي، ومع كل هذا تقول لي بأنني بارد ولا أستطيع إكمال هذه العلاقة!

السؤال: ما هو الواجب عليّ لجعل هذه العلاقة تستمر؟ وما واجبها تجاه ذلك؟ علمًا أنني قبل فترة بسيطة عاتبتها وقلت لها بأنني غير راضٍ عنها، وأن الملائكة سوف تلعنها حتى الصباح.

أفيدوني يرحمكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: أولًا: الحياة الزوجية قائمة على تبادل الواجبات بين الزوجين، فإذا أراد الزوجان استمرار الحياة الزوجية الطيبة فلا بد من قيام كل واحد منكما بحقوق الآخر؛ لأن الحياة قائمة على الأخذ والعطاء ولا سيما بين الزوجين، والحياة الزوجية الأسرية فيها حقوق متنوعة، حق الزوجين فيما بينهما، وحقوق الأولاد، ولا ينبغي إهمال هذه الحقوق على حساب الحقوق الأخرى.

ثانيًا: بالطبع اهتمام الزوجة بالأولاد مطلوب، لكن ليس على حساب حقوق الزوج الخاصة.

ثالثًا: إذا كان البيت ضيقًا فقد يكون لزوجتك وجه عذر في جعل الأولاد ينامون في غرفتك، ومع ذلك لا بد أن تجد الزوجة وقتًا مناسبًا لزوجها بمفردهما؛ لأن الحياة الزوجية من أعظم مقاصدها إعفاف الزوجين، ولا سيما في زمن كثرت فيه الفتن، وخاصة فتن النساء كما جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء) متفق عليه. فالزوجة الصالحة تتفقد حال زوجها حتى لا يقع فريسة للإغراء والفتنة؛ ولذلك لا ينبغي أن ينام الأولاد في غرفة الزوج على حساب تضييع حقوق الزوج.

رابعًا: وأما سؤالك ما الواجب عليّ تجاه هذه العلاقة حتى تستمر؟ وما واجبها تجاه ذلك؟

فالجواب: لا بد لكما أيها الزوجان الفاضلان من الجلوس معًا على طاولة الحب والإيمان تضعان المشكلة وحلها، وتتفقان أن الأولاد لو أرادوا أن يناموا فلا مانع، لكن الأوقات التي تحبان الانفراد بأنفسكما فلا بد أن يذهب الأولاد إلى غرفهم وألعابهم، وبهذا الاتفاق تحل المشكلة، وعلى الزوجة الفاضلة أن تتعاون معك في هذا الشيء، ولا داع لإلقاء اللوم بينكما، هي تلومك، وأنت تلومها، فاجعلا حياة أولادكم ومستقبلهم نصب أعينكما، والوالدان قد يتحملان المشاكل الزوجية من أجل أولادهم، والله تعالى يقول: (والصلح خير)، وقال الله تعالى: (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم).

خامسًا: أوصيك -يا أخي الفاضل- لا تخاطب زوجتك بهذا الخطاب، وهو أني غير راضٍ عنك، وأن الملائكة ستلعنك إلى الصباح؛ فالمرأة لا تحب ذلك، فبعض الأزواج يجعل هذا الحديث الشريف سوطاً يسلطه على الزوجة ولو كانت معذورة، إما لكونها مريضة، أو أنها متعبة، أو أنها ضيقة النفس، وليس صحيحًا أن الملائكة تلعن بمجرد الامتناع، فقد تكون المرأة مريضة، أو عندها عذر، أو أحيانًا ضغوط الحياة، فلا بد للزوج أن يقدر ظروف زوجته.

سادسًا: بالنسبة لإحساسك بعدم القدرة على العلاقة الزوجية الخاصة حسب تعبيرك، فأبعد عنك هذا الإحساس؛ لأنه أحيانًا يحدث الإنسان نفسه بالمرض ومن كثرة التفكير يقع في المرض ووسوسته، ثم أيضًا اعمل بالأسباب المادية، والرجوع إلى الطبيب المختص، فلعله يفيدك في هذا الأمر، مع الاستعانة بالله تعالى، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاء الأعراب، قالوا: يا رسول الله أنتداوى، قال: نعم، تداووا يا عباد الله، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله) صحيح ابن ماجه.

وكذلك يأتي دور الزوجة؛ فلا ينبغي أن تقول الزوجة هذا الكلام، وهو أن الزوج صار باردًا في العلاقة الزوجية الخاصة، بل تعينه وتشجعه وتطلب له الدواء النافع.

وفي الأخير: أسأل الله تعالى أن يصلح بينكما، وأن يزيد المحبة بينكما، وأن يوفقكما لتربية أولادكما، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً