الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوتر يسيطر علي، لأن والدي يؤنبني بشدة عند نقص الدرجات

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في الصف الثالث الثانوي، وأدرس (أونلاين) عن طريق منصات مخصصة، وهذه هي المرة الأولى التي أدرس (أونلاين)؛ نظرًا لرغبتي في توفير الوقت للدراسة.

الثانوية العامة رحلة طويلة تتطلب المرونة، والصلابة النفسية، والقدرة على تحليل المشاكل والأخطاء، وإيجاد حل لها، والعمل عليها، بالإضافة إلى العمل الجاد، والدراسة المكثفة، ومستويات الاختبارات والواجبات في (الأونلاين) عالية للغاية، والتعود على هذا المستوى يتطلب وقتًا بناءً، حسب إرشادات زميلاتي الأكبر مني، ومن أخذن دروسًا (أونلاين) فترة طويلة في الأعوام السابقة، حتى يعتدن على هذه المستويات.

المشكلة الآن في والدي؛ حيث يرسلون له درجات الاختبارات كنوع من أنواع المتابعة، وليس لدي مشكلة في هذا إطلاقًا، ولكن والدي يغضب إذا نقصتُ في هذه الاختبارات درجتين أو ثلاثاً، والاختبار حوالي 10 أو 15 سؤالًا، ويؤنبني على تقصيري، بالرغم من أنني أدرس جيدًا، وأجلس أكثر من 9 ساعات للدراسة، ومستواي في حل الواجبات جيد للغاية، ولكن لم أعتد على تلك المستويات بعد.

والدي يؤنبني بشدة، يضغط علي، ويريد مني أن أحصل على الدرجة الكاملة في الاختبارات القادمة، الشاملة على الباب الأول، وهذا مستحيل من أول مرة؛ لأن هذه الاختبارت -تحديدًا- مستواها عالٍ للغاية، ضغط الوالد عليّ يشعرني بالتوتر والضغط والخوف.

أحلم أحلامًا غريبة ومخيفة، ولا يمكنني التركيز من فرط التوتر، وأصبحت أفكر كثيرًا في المستقبل؛ بالرغم من أنني أحاول تجنب هذا، حتى في السنوات السابقة لم أكن أستطيع النوم في ليالي الامتحانات من فرط الخوف، ونومي وأكلي يقل بشكل مفرط، أريد السيطرة على هذا الخوف؛ لأن هذا قد يكون السبب في عدم تحقيقي ما أريد، وأشعر أنه ليس لدي فرصة للخطأ وتحليل الخطأ، وتقييم نفسي، وإيجاد حلول، وهذا يجعل هذه الرحلة صعبة للغاية ومخيفة، فكرة أنني سأستمر هكذا 10 شهور أخرى مرعبة، لا أشعر بالراحة إطلاقًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابنتنا الكريمة: شكرًا جزيلاً لثقتك في موقعك إسلام ويب، وطلبك للاستشارة، ونحن نقدر ما تمرين به من مشاعر قلق، وضغط نفسي في هذه المرحلة المفصلية من حياتك، وهي مرحلة غالبًا ما تكون حاسمة في تقرير المصير المهني، وتحقيق الطموح المستقبلي.

من المهم أن تعلمي أن ما تشعرين به من توتر وضيق، أمر طبيعي ومفهوم، خاصة مع نظام التعليم عن بعد، الذي يختلف تمامًا عن الدراسة التقليدية، ويحتاج إلى وقت وجهد للتأقلم معه؛ ولأنك لا تتحكمين في طبيعة هذا النظام؛ فإن ما تبذلينه من ساعات طويلة في المذاكرة والاجتهاد، هو في حد ذاته علامة قوة وجدية على طريق النجاح.

أما عن موقف والدك وضغطه المستمر عليك، فهذا بلا شك يزيد من العبء النفسي عليك، وقد يكون دافعه حرصه الشديد على مستقبلك، ورغبته في أن يراك متميزة، لكنه قد لا يدرك الأثر السلبي لذلك؛ وهنا ننصحك أن تحاولي اختيار وقت مناسب؛ للحديث معه بلطف وهدوء، فابدئي كلامك بتقديره والاعتراف بفضله وحرصه، ثم فسري له ما تمرين به من ضغوط نفسية، وتأثير ذلك على نومك وأحلامك وأدائك، مع اقتراح حلول عملية مثل: وضع أهداف واقعية للاختبارات القصيرة، بدلًا من شرط الحصول على الدرجة الكاملة منذ البداية، وإذا وجدتِ صعوبة في الحوار المباشر، فاستعيني بشخص قريب منه يثق به، كالأم أو أحد الأقارب؛ ليشرح له الأمر بروح هادئة، وليعرض خطة تدريجية، تساعدك على تحسين مستواك خطوة بخطوة؛ مما يطمئنه، ويقلل من حدة غضبه، وهنا نذكّرك بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرفق؛ حيث قال: «إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ» (رواه مسلم). فرفق الوالد بك، وتشجيعه لك، أجدى وأنفع من التأنيب عند أي تقصير.

كما نوصيك –ابنتنا العزيزة– بأن تنظري لنفسك بعين التقدير، وألا تجعلي خوفك من الخطأ، أو عدم الحصول على الكمال، يحرمك من لذة التعلم والتقدم؛ فطريق العلم يقوم على التدرج والتجربة والتصحيح، ولا أحد ينجح بلا أخطاء، واهتمي براحتك الجسدية والنفسية؛ خذي فترات استراحة قصيرة خلال اليوم، وحافظي على انتظام نومك، ومارسي بعض التمارين البسيطة للاسترخاء والتنفس العميق؛ فذلك يساعدك كثيرًا في ضبط التوتر.

تذكري أن الانشغال المستمر بالمستقبل، والخوف من الفشل، يشتت تركيزك، ويزيد من قلقك، بينما المطلوب منك أن تجتهدي اليوم، وتتركي النتائج على الله، قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النجم: 39-40].

نسأل الله أن يرزقك السكينة والنجاح، وأن يجعل جهدك في ميزان حسناتك، وأن يحقق لك ما تتمنين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً