الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتوهم الأمراض حتى ملّ الأطباء مني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاما، لدي خوف من أمراض معينة، وجميع الأمراض التي أخاف منها هي أمراض قرأت عنها أشياء مخيفة، وأصبحت أشعر بأعراضها، وعندما أجري التحاليل تأتي سليمة، وأشعر بانشراح وقتها، ولكني سرعان ما يعاودني الشعور بالخوف وتتكرر الأعراض، ثم أعاود إجراء التحليلات، حتى ضجر مني الأطباء، وبعضهم أصبح يضحك علي، والبعض الآخر لم يعد يرغب برؤيتي، وجميعهم قالوا عني: (وسواسية) وأهلي ضجروا من كثرة ترددي على الأطباء، وأنا سئمت من نفسي.. أنا اعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وأعلم كل شيء، ولكن عقلي خارج عن سيطرتي، فهو لا يتوقف عن التفكير بالأمراض، حتى أصبح عندي خوف من المستقبل، وأصبحت أخاف من طول العمر .. تتحسن حالتي عندما أكون منشغلة في دراستي، مع أن تحصيلي الدراسي أصبح ضعيفا .. وأشعر بتحسن عندما أخرج من المنزل، ولكن عندما أعود للمنزل تعود لي الأفكار والأعراض.. وإذا تذكرت الأعراض تأتيني حتى لو كنت خارج المنزل.

أصبحت أحب النوم، وعندما أستيقظ أشعر بضيق .. وعندما أستيقظ من النوم أجد عقلي مسترسلا بتفكير مخيف، بدأ ينقص وزني بسبب التفكير، فأنا سرعان ما ينقص وزني عندما أهتم بشيء ما، ومشكلتي هي أني لا أستطيع الذهاب لعيادة طبيب نفسي، فالتكاليف غالية جدا، والعلاج السلوكي والديني هو ما يخفف من حالتي، ولكن سرعان ما أعود لنفس الحالة.

أحيانا أشعر أن الحياة جميلة، وسرعان ما يذهب هذا الشعور، حتى أني بدأت أقلع عن فكرة الزواج، لا أعلم ما بي، ولكني متوترة وقلقة كثيرا، وخائفة، وإذا كان يوجد علاج دوائي لحالتي فأتمنى أن تصفه لي يا دكتور، وقد سمعت أن السيروكسات آمن وليس له أضرار جانبية كغيره، وشعرت براحة تجاهه، ولكني أحتاج إلى وصفة استعمال، العلاج السلوكي والديني موجود عندي، ولكني منذ سنتين وأنا على هذه الحالة، وأحتاج إلى علاج يكمل العلاج السلوكي والديني.

وشكرا لك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أنت لديك مخاوف مرضية، والمخاوف المرضية هي سلوك متعلم مكتسب، يُصيب الذين لديهم قابلية واستعداد للقلق النفسي. قراءاتك واطلاعاتك حول الأمراض هي المعزز لسلوك الخوف، وقد تكون البدايات أنك تأثرت بحالة معينة أو أُصبت بخوف حين قرأت عن مرض معين، وهذا أصبح مثبتا شرطيًا في وجدانك وكيانك الداخلي، مما تولد عنه هذه الوساوس والمخاوف المرضية.

طرق العلاج واضحة جدًّا، وهو أن تعرفي أن هذه الحالة هي في الأصل نوع من قلق المخاوف الوسواسي، وما دام هو قلق ومخاوف ووساوس فهذه تعالج من خلال تحقيرها وعدم الاهتمام بها، هذا قد لا يبدو سهلاً، لكن في ذات الوقت ليس بالمستحيل، حاولي أن تقاومي وألا تترددي على الأطباء، هذا مهم.

وبالنسبة لهذه النقطة الأخيرة – أي التردد على الأطباء – : بعض الناس يستفيدون كثيرًا إذا كانت لهم مواعيد ثابتة مع طبيب الأسرة – طبيب الرعاية الصحية الأولية، أو طبيب الأمراض الباطنية، أو أي من الأطباء – يمكن زيارته مثلاً مرة واحدة كل ثلاثة أشهر لإجراء فحوصات عامة. هذا وُجد أنه مفيد وجيد ويمنع التوهمات المرضية أو ما يسمى بالمراء المرضي، وهو نوع من الوسوسة والخوف حول الأمراض.

النقطة الثانية هي: أن تسعي وتعيشي حياة صحية بقدر المستطاع، والحياة الصحية يُقصد بها تنظيم وترتيب الوقت، وأن تأخذي قسطًا كافيًا من الراحة، وأن تمارسي أي نوع من الرياضة يناسب المرأة المسلمة، وأن يكون مزاجك متوازنًا. هذا النوع من النمط الحياتي يجعل الإنسان يحس بالعافية والصحة.

ثالثًا: زيارة المرضى في المستشفيات - وكذلك في البيوت – فيها خير كثير جدًّا للإنسان، والذي يوسوس من الأمراض ويخاف منها سوف تتحسن قناعاته حول صحته الذاتية حين يُشاهد المرضى الآخرين، فكوني حريصة على زيارة المرضى، وعليك بالدعاء لم حسب ما ورد في السنة.

منهجك السلوكي جيد وكذلك منهجك الديني، وحرصك على أذكار الصباح والمساء يعطيك الشعور بالأمان، الأمان من كل شيء، من كل ما هو مخيف، فكوني مواظبة على ذلك، ومن الواضح أيضًا أن صرف الانتباه يفيد في حالتك، وأقصد بذلك أنك حين تكونين مشغولة ولديك مهام تقومين بها ينصرف انتباهك عن هذه المخاوف، وهذا أيضًا شيء محفز ومشجع.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الأدوية المضادة للقلق والمخاوف والوساوس كلها مفيدة، وعلى رأسها الزيروكسات، فيمكنك أن تتناوليه، وأنا أعتقد أنك في حاجة لجرعة صغيرة، وليس لمدة طويلة، ابدئي بعشرة مليجرام – أي نصف حبة – تناوليها بعد الأكل، استمري عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أرجو أن تأخذي بكل ما ذكرته لك من استرشاد، لأن الرزمة العلاجية حين تكون متكاملة دائمًا تؤدي إلى نتائج أطيب وأفضل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً