الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع الزواج الآن فما هي البدائل لتفريغ الشهوة بالحلال؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب بسيط جدًا، لدي شهوتي الجنسية كأغلب الناس الموجودين على هذه المعمورة، وأعلم يقينًا أنني لن أستطيع أن أتزوج خلال السبع سنوات القادمة؛ لأن تكاليف الزواج فوق طاقتي بكثير، ولا أستطيع أن أقترض المال الذي سيحل معضلتي.

أنا محافظ على صلاتي –والحمد لله-، وأحفظ من القرآن 18 جزءًا، ومتفوق في دراستي، ومعروف في الحي الذي أعيش فيه أنني الشاب النموذجي -ما شاء الله تبارك الله-، وأملك الثقافة اللازمة التي تؤهلني لأكون زوجًا محبًا، عادلاً، مخلصًا، متفاهمًا -بإذن الله-.

لكن المشكلة تقع على عاتق المجتمع الذي أعيش فيه: فهم يتفاخرون بالإسلام وأنهم يطبقون شريعة الله، ولكن لم يتنازل أحدهم لتقليل مهر ابنته، أو مساعدتي في تكاليف الزواج، إذاً ما الحل؟ فأنا لا أستطيع أن أكبت نفسي طوال هذه السنين، ومن حقي أن أمارس الجنس، فأنا أرى أن الجنس كالأكل والشرب ولا بد منه في هذه الحياة، لا أريد أن أعيش مكبوتًا مهمومًا بالجنس، ولا أفكر إلا فيه.

المسلمون قديمًا في فترة عصرهم الذهبي أشبعوا غرائزهم الجنسية، فكانت أمورهم ميسرة من زواج، أو ملك يمين، وما إلى ذلك، وعندها صرفوا طاقاتهم في شتى العلوم فكانت حضارتهم الأولى في العالم، إذاً ما ذنبي أن أعيش مكبوتًا مهمومًا، بحجة أنني لا أستطيع الزواج؟!

لم يبقى أمامي إلا الاستمناء الذي لا أفضله كثيرًا، أو أن أمارس الجنس مع إحداهن دون عقد زواج، فأنا سأراعي هنا كل شيء سأتأكد أنها غير متزوجة، وأنها تأخذ حبوب الحمل، وأنه ليس بها أمراض جنسية، وسأستعمل الواقي الذكري، وعندها لن يحدث اختلاط للأنساب أو شيء من هذ القبيل.

ستقول: إن حلولي محرَّمة، إذا ما هو البديل المباح والمتاح حاليًا للزواج؟ أخبروني وساعدوني جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ع.م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الولد الحبيب– في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا وثقتك فينا، ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقضي حاجاتك، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، ويغنيك بفضله عمّن سواه.

نحن نتفهم –أيُّها الولد الحبيب– الظروف التي تعانيها والهموم التي تقاسيها، ونحن ننصحك نصيحة من يُحب لك الخير ويتمنى لك السعادة في دنياك وفي آخرتك، ننصحك: بأن تسلك الطريق الصحيح للوصول إلى هذه الحاجات على الوجه الذي تأمن معه سوء النهاية والعاقبة، والله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم الذي أنزله نورًا وهدىً للناس، علمنا سبحانه وتعالى فيه ماذا نفعل في هذا الجانب، فأمر الأولياء بالتيسير والتزويج، فقال سبحانه: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله} ثم ثنَّى سبحانه وتعالى بخطاب من تعسّر عليه الزواج ولم يقدر عليه، فقال سبحانه: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يُغنيهم الله من فضله}.

فهذه الآية تعنيك –أيُّها الحبيب– وأمثالك من شباب المسلمين الذين لا يقدرون على النكاح، فإن الله تعالى أمرهم ووعدهم، أمرهم بالاستعفاف –أي بطلب العفة– والأخذ بأسبابها، ووعدهم بأن يُغنيهم من فضله.

ونحن على ثقة تامة –أيُّها الحبيب– من أنك إذا سلكت السبل الصحيحة لطلب العفة فإن الله عز وجل سيتولى عونك، ولن يخذلك.

لن تسلك هذا السبيل وتصبر عليه –أيُّها الحبيب– إلا إذا أيقنت يقينًا جازمًا أن ما عداه إنما هو الدمار والهلاك في الدنيا والآخرة، وأن قضاء الشهوة فيما حرم الله سبحانه وتعالى ليست إلا بابًا من أبواب جهنم، وليست سببًا من أسباب الشقاء والتعاسة والحرمان في الحياة الدنيا فقط.

الزنى هو أسوأ سبيل، أسوأ طريق يمكن أن يسلكه الإنسان، ولهذا حذرنا الله تعالى بقوله: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً} فهو فاحشة –يعني بالغ مبلغًا عظيمًا في الفُحش والقبح– وهو كذلك ساء سبيلاً: يعني أسوأ سبيل وأسوأ طريق يسلكه الإنسان.

وما رتبه الله عز وجل على هذا الذنب من العقوبات لو تخيلته وتصورته فإنك ستجد من نفسك الالتفاف عنه، فإن الله عز وجل وعد أصحابه بوعيد شديد، فقال سبحانه وتعالى في وصف عباد الرحمن: {ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى آثامًا * يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مُهانًا * إلا من تاب}.

وأخبرنا -عليه الصلاة والسلام– بأحوال الزناة والزواني في حياتهم البرزخية، فأخبرنا بأنهم في تنّور توقد من تحتهم النار وهم عراة فترتفع بهم النار، ثم يهبطون، ثم ترتفع بهم النار ثانية، وهكذا، فهم يتألمون بعقاب من جنس اللذة التي كانوا يقضونها في الحرام في الدنيا، وأي خير في لذة لحظة يعقبها كل هذا الألم، وكل هذا العناء والشقاء والتعاسة، لا شك أن العقل يردع صاحبه عن ذلك.

لذلك نصيحتنا لك –أيُّها الحبيب–: أن تتذكر الوقوف بين يدي الله، وأن تتذكر ما أعده الله تعالى من عقوبات على هذا الذنب، وتتذكر ما سيلقاه الإنسان بعد موته، فإن هذا سيغرس في نفسك الخوف من الله تعالى، ومجانبة هذا الذنب.

أما سبل الاستعفاف فكثيرة، أولها: أن تبحث عن زوجة في غير مجتمعك الذي أنت فيه، فإنك ستجد من فتيات المسلمين وبنات المسلمين من ترغب في الزواج وتيسّر المهر، ويرضى أهلها بذلك، ولا يُشترط أن تتزوج من أسرتك أو من قبيلتك، ما دمت تتمكن من الزواج من غيرهنَّ، والمسلمات الجُدد لا سيما في البلد الذي أنت فيه كثيرات، إذن هناك وسائل عديدة للوصول إلى الحلال.

وعلى فرض أنك لم تقدر على ذلك فإن عليك أن تستعين بالله سبحانه وتعالى وتطلب العفة بأسبابها، ومن ذلك: اجتناب الأشياء المثيرة، وإدمان الصيام والإكثار منه، وشغل نفسك ببرامج نافعة، فإن مَن لم يشغل نفسه بالحق شغلته نفسه بالباطل، والاستعانة بالأصحاب الصالحين والإكثار من مجالستهم وقضاء الأوقات معهم، فإن ذلك يُلهيك عن التفكير والتفكر في الحرام، وأعظم ما نوصيك به: اللجوء إلى الله تعالى بصدق واضطرار، والإكثار من سؤاله ودعائه أن ييسر لك ويرزقك، وأن تأخذ بأسباب الرزق، ولن تعدم من الله سبحانه وتعالى خيرًا.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يقضي حاجتك وييسر أمورك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر ابراهيم الجزائري

    ارجع الى الله و اقصد بابه كرما و الله و الله لا تلقى سوى الله

  • السعودية فاعل خير

    السلام عليكم . اخي انت قلت في اخر كلامك ( أو أن أمارس الجنس مع إحداهن دون عقد زواج، فأنا سأراعي هنا كل شيء سأتأكد أنها غير متزوجة، وأنها تأخذ حبوب الحمل، وأنه ليس بها أمراضًا جنسية، وسأستعمل الواقي الذكري، وعندها لن يحدث اختلاط للأنساب أو شيء من هذ القبيل.
    .) ان كنت ترى ان الله منع الاتصال الجنسي لاجل مرض الايدز او اختلاط الانساب وترى ان هذه الحكمه من تحريم الزنا . فلا تنسى انك لا ترضى لاختك ما سوف تفعله لهذه الامراة. واوصيك بالصبر والصلاه فهذا ليس الا اختبار في الدنيا وتذكر (حور العين )

  • المغرب abd halim

    جزاكم الله خيرا و لله أنا أحبكم في الله

  • مصر مصري

    كل الشباب تقريبا يمر بهذه الأزمة.
    وكل الاستشارات لا فائدة منها.
    إما أن نكسر قيود المجتمع ونعود لشريعتنا.
    وإما أن نصبر ونحتسب :'(

  • الجزائر ياسين

    الصبر مفتاح الفرج و ستأكل ما كتب الله لك اذا ان تصبر و تأخذ رزقك و ما كتب الله لك بالحلال افضل من ان لا تصبر و تأخده بالحرام و في الاخير لن تموت و لن تغادر الدنيا الا من بعد ان ينتهي رزقك فيها لذلك اخي الكريم عليك بتقوى الله و الصبر و الصوم

  • ليبيا فاطمة الزهراء

    نسأل الله الهداية

  • مصر محمد حسين

    أخي الفاضل بأي وجه حق تستبيح فرج أي فتاة في الحرام وأنت كما قلت تحفظ 18 جزء من كتاب الله وهل هذا مبرر لعدم مقدرتك علي الزواج من وجهة نظرك والله ان هذا لأمر عجاب اتقي الله أخي الكريم وإياك أن تقع في جريمة الزنا فهي من أحقر المعاصي والأثام استعن بالصبر والصيام وسوف ييسر الله لك أمر الزواج من زوجة صالحة بإذن الله وربما يكون هذا اختبار لك من الله فلا تجعل شهوتك تجعلك ترسب في هذا الاختبار فهو ليس فيه دور ثاني ولا إعادةوأدعو الله لك أن ييسر لك أمر الزواج في أقرب وقت إن شاء الله فهو علي كل شئ قدير ولا يعجزه شئ في الارض ولا في السماء

  • الجزائر كلمات تائبة

    يا اخي افضل وصفة هي الصيام واجتناب الخلو بنفسك

  • السعودية يارب زوجني

    يا رب يا رزاق يا كريم أرزقه وأكرمه من أوسع أبوابك وقر عينه بزوجه الصالحه

  • السعودية عبدالله

    والله بكيت عند قرائتي لاستشارة هذا الشاب بكيت على حاله وحالي عندما كنت مثله تماما وهانا مقبل على الزواج بعد شهر وقد فقدت الرغبة الجنسية تماما بسبب الاستمناء ومازلت شابا ولكنها عقوبة الله ومن تعجل الشئ قبل اوانه عوقب بحرمانه اخي العزيز اعف نفسك بالصيام واتق الله تنجو وان اردت الزنا فعليك اثمه ولن يغنيك شيئا ولن توقن بكلامي حتى تذيق اثم ماقترفت

  • مصر آ

    جزاك الله خيراً اخي عبدالله و غفر لي ولك و للسائل وللمسلمين

  • السعودية التائب

    حماك الله أخي العزيز

  • سوريا ربيح محمد نزيه الملك

    جزالكم الله خيرا

  • أوروبا محمد النمكي

    اللهم ارزق كل من حمل هم معصيتك وخاف منها من فضلك وكرمك ومنك وارزقة اكثر من ما يتمني لا مرة ولا اثنين لكن بفضل وكرمك اللذان اعتدنا منك اياهم
    اللهم ارزق من كتب هذة الاجابة علي هذا السائل من واسع فضلك وكرمك وعلمة وزدة علما

  • أمريكا ثلاثينية

    دمعت عيني..أسأل الله ان يفرج همك.. انا في منتصف الثلاثين ولا أمل في الزواج ابدا، من سنوات اتوسد كفي وابكي بصمت على حالي وعلى عجزي التام عن حل مشكلتي، اعيش في الخارج والفتن كثيرة، لكني اخاف الله، اعتذر عن خروجي عن الموضوع .. أني أتألم لكن الحمد لله حمدا كثيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً