الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقعت في أنواع المعاصي فهل لي من توبة؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أيها الشيخ الجليل: أنا شاب قد وقعت -والعياذ باللّه- في أنواع المعاصي حتى أصبح الشيطان يسوّل لي أن لا توبة لي بعد كل هذا، وأن من الأفضل أن أتابع هكذا، ولكني أخاف خوفا شديدا حين أفكر في الموت والآخرة، وأتمنى أن أستطيع العودة إلى الماضي؛ لتغيير كل أخطائي -وما أكثرها! (ترك الصلاة، والصوم، الزنى، اللواط، الخمر...).

فهل من توبة لي أيها الشيخ؟ ماذا تقترحون علي أن أفعل؟ هل يجب أن يقام علي الحد؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك معنا، وثقتك فينا، ونحن نرى أن بدايات الخير قد فتحت أبوابها أمامك، وذلك حين أدركت أنك قد وقعت في أنواع كثيرة من المعاصي، وبدأت تسأل عن التخلص منها وعن التوبة، فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن ييسر لك طريق مرضاته.

نقول -أيها الحبيب-: إن التوبة تمحو الذنوب مهما بلغت؛ فإن الله تعالى أخبر في كتابه الكريم بأنه يغفر الذنوب جميعاً فقال سبحانه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.
وآيات القرآن تعرض التوبة للسراق، وللزناة، ولشربة الخمر، وللمشركين، والنصارى، واليهود، ولم تترك ذنباً إلا وأردفته بالدعوة إلى التوبة إلى الله تعالى منه، فلا يتعاظم التوبة شيء؛ فإن الله تعالى يمحو بها كل الذنوب والآثام، وقد غفر الله تعالى لمن كانوا مشركين يشربون الخمور، ويتعاملون بالربا، ويقعون في الزنا، وصاروا بعد توبتهم من أولياء الله تعالى وأحبابه، ولا أدل على ذلك من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين كانوا على ما كانوا عليه من الجاهلية والإشراك، وأنواع الفواحش.

احذر -أيها الحبيب- من مكائد الشيطان ومكره التي يحاول بها أن يصدك عن التوبة، فإن الذنب مهما عظم فإنه أمام عفو الله تعالى صغير، فعفو الله تعالى أعظم، واحذر من الاستمرار في هذه الذنوب المهلكات التي تورد صاحبها النار، وأنت مصيب محق في تخوفك الشديد، إذا فكرت في الموت والآخرة، فإن من مات على هذه الحال متعرض لسخط الله تعالى، مستحق لعقوبته، ولا يقدر أحد أن يقف أمام سخط الله تعالى وغضبه، لا تقوم لذلك السماوات والأرض، فكيف ستقوم له أنت الضعيف المسكين؟ فبادر إلى التوبة، وارحم نفسك، ونجها من عذاب الله، وخذ بالأسباب التي تعينك على التوبة، ومنها تغيير البيئة التي أنت فيها، غيّر الأصحاب، وحاول أن تتعرف على الناس الصالحين الذين يعينونك على طاعة الله تعالى وتجنب معاصيه.

أما عن إقامة الحدود، فنصيحتنا لك أن تستر على نفسك، ولا تحدث بهذه الذنوب أحداً من الناس، وهذه وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مالك في الموطأ: (فمن أصاب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر).

فعفو الله تعالى يسعك، وعافيته ورحمته واسعة، فاستر على نفسك، وبادر إلى التوبة، وأصلح من حالك؛ يعفُ الله تعالى عنك، فقد قال سبحانه: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات}. وقال سبحانه: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}. وقال نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

نسأل الله تعالى لك التوفيق والإعانة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً