الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس المرض يتملك كل تفكيري فكيف أنجو منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر (20) عاما، منذ ثلاثة أعوام وأنا أعاني من الوساوس حول إصابتي بالأمراض، في بداية الأمر كنت أخاف من الأعراض الكبيرة والواضحة، والآن أصبحت أخاف من أبسط الأمور حتى من الزكام، ومنذ أربعة أشهر عانيت من الوساوس من العديد من الأمراض.

حاليا أشعر بأنني مصابة بسرطان الثدي، علما أنني لا أرى أي أعارض خاصة بالمرض، وفي عيد الأضحى حينما تناولت اللحم كنت أظن بأن ضغطي ارتفع، شعرت بأنني سأموت عندما ذهبت للنوم، فأحسست بالثقل في جسمي، وألم في رأسي، وأصبحت لا أستطيع حمل رجلي، وشعرت بآلام في بطني، وبعد كل هذه الأعراض لم يصبني شيء، قبل ذلك ظننت بأنني مصابة بالسرطان في رأسي.

قبلها تأخرت دورتي الشهرية فخفت من الحمل، مع العلم بأنني عذراء ولم يلمسني أحد، وقبل ذلك تغير الجو قليلا وشعرت بالبرد في أطرافي وظننت بأنني سأموت، علما أن أطرافي تبرد وليست هذه المرة الأولى، وكان عندي تحليل للدم بسبب الفطريات في أظافري فخفت من ذلك، وترددت قبل الذهاب، كنت أخاف من أن أكون مصابة بمرض ما، وأوسوس بأن الممرض قد يستعمل حقنة مستعملة وغير معقمة فينقل لي مرض ما، وهكذا العديد من الوساوس تراودني وجميعها من هذا النوع.

لا أحب زيارة الطبيب لأطمئن من عدم إصابتي بأي مرض، فأنا أخاف من النتائج، وحتى عند أخذي للدواء الذي يصفه لي الطبيب أتردد، وأخاف أن يكون خاطئا، وحينما أشربه أحس بالدوار، وأنني سأموت، أصبحت أخاف من كل شيء، آلام الرأس والحنجرة والبطن والقدم واليد.

تراودني هذه الحالة كل أسبوع أو أسبوعين، وتمتد إلى يومين أو ثلاثة أيام وأتخلص من تلك الأعراض بصعوبة، لأنني أسخر كل تركيزي على ذلك المرض، وأحيانا أحس بالأم في جسدي، وعندما أطرد الفكرة من رأسي يزول الألم، تعبت جدا وأريد حلا لما أنا فيه، فهل حالتي تتطلب زيارة الدكتور؟

ساعدوني وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شروق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالات الخوف من المرض أصبحت كثيرة جدًّا في زماننا هذا، وشفقة الناس حول صحتهم، والخوف من الموت أصبح إشكالية تواجه الكثير من الناس، وبشيء من التفكر والتدبُّر سوف تجدين أن هذه الأفكار أفكار سخيفة، سوف تجدينها بالفعل أنها ليست ذات قيمة، أنها يجب أن تُحقَّر، وأن الأعمار بيد الله، وأن الخوف المرضي من الموت لا داعي له، لكن الخوف الشرعي من الموت يجب أن يكون دائمًا في خُلد وذاكرة المؤمن، حتى يعمل لآخرته ويعمل لما بعد الموت.

أيتها الفاضلة الكريمة: لديك جوانب وسواسية واضحة جدًّا، وخوفك حين تتأخر الدورة دليل قاطع على هذه الوسوسة وهذا القلق التوقعي، نحن نقول دائمًا أن الأفكار الوسواسية من هذا النوع يجب أن تُحقَّر، ويجب أن تُقاوَم، وأنا أفضل التحقير أكثر من المقاومة، لأن الإنسان إذا قاوم شيئًا معناه أنه قد أعطاه قيمة، لكن إذا حقَّره فقط يعني أنه بالفعل لم يُعطيه أي نوع من القيمة، فحقِّري هذه الأفكار -أيتها الفاضلة الكريمة-، وعليك بالدعاء والأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء، هذه الأذكار حافظة، هذه الأذكار تبعث الطمأنينة في نفوس الناس، وهذا الأمر مُثبت ومُلاحظ للعيان، وقد قال الله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، فاحرصي على ذلك.

واحرصي أيضًا أن تستفيدي من وقتك لتصرفي انتباهك عن هذه الوسوسة: الاجتهاد في دراستك، البحث نحو التميز، والمشاركات الأسرية الإيجابية، أن تكون لك علاقات وصدقات مع الصالحات من الفتيات، هذه هي الحياة، تستشعريها من زاوية أخرى، وتغلقي تمامًا زاوية المرض والخوف والقلق والتوترات، وعليك بالنوم الليلي المبكر، فهو يؤدِّي إلى راحة نفسية عظيمة، ويزيل القلق والتوتر، عيشي حياةً صحية من خلال التوازن الغذائي، ولا تترددي على الأطباء.

أنا أنصح الناس أن يذهب الواحد منهم مرة واحدة للطبيب كل ستة أشهر مثلاً، وذلك بغرض إجراء فحوصات روتينية، لكن قطعًا إذا الإنسان أحسَّ بمرضٍ حقيقي يجب أن يذهب إلى الطبيب، ليس من المنصوح به أبدًا أن يذهب الإنسان للطبيب استجابة لوساوسك، لأن ذلك يزيد من الوساوس ويزيد من المخاوف.

هنالك أدوية ممتازة أيضًا تُستعمل لعلاج قلق المخاوف، منها دواء بسيط يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، وأنا أتصور أنك إذا ذهبت وقابلت الطبيب النفسي هذا سيكون أمرًا جيدًا وأمرًا مفيدًا، وأمرًا -إن شاء الله تعالى- يبعث فيك الطمأنينة، وأنت لا تحتاجين أبدًا لأكثر من زيارة أو زيارتين للطبيب.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً