الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكن للشخص التخلص من الوساوس القهرية؟

السؤال

السلام عليكم

كيف يمكن للشخص التخلص من الوساوس القهرية التي يتعرض لها؟ لقد بدأت أشعر أن تلك الأفكار والمخاوف التي تراودني جزء لا يتجزأ من حياتي، بل أصبحت هي حياتي وشغلي الشاغل!

أصبحت أتغذى على تنميتها وتقويتها، وما هي إلا من كيد الشيطان الرجيم الذي يريد أن يضلنا عن سواء السبيل.

أنا صاحب الاستشارة رقم (2290133)، واتضح أن الأمر لا يقتصر على مجرد الأسئلة التي راودتني، بل هي دوامة تتطور مع مرور الوقت، ويزداد تشابكها كلما استسلمت لها، وتكبر الأفكار القهرية، ولا تبقى على حالها أبداً بل تزداد تعقيداً وصعوبة، بالرغم من أنني تجاوزت مخاوفي السابقة التي طرحتها في الاستشارة الماضية، إلا أنني أصبحت أتعرض لمخاوف أكثر حدة.

من تلك المخاوف:
- الخوف من الموت.
- الخوف من يوم القيامة والآخرة ونهايتي.
- الخوف من السؤال عن الذات وماهية الإنسان وما دوره في هذا الكون العظيم.
- الخوف من المستقبل.
- التشاؤم عموماً.
- الخوف من التقصير في حق الله عز وجل.
- الخوف من استمرار تلك المخاوف معي لمدة طويلة دون الفكاك من شباكها.
- الخوف من تأثير تلك المخاوف على دراستي وحياتي الاجتماعية.

حاولت التخلص من ذلك ولكن لا جدوى، فلعلي أجد الحل لديكم، فأعينوني أعانكم الله وسهل عليكم في الدنيا والآخرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الوسواس القهري هو فكرة أو رغبة، أو إحساس، يتسلل إلى الشخص، ويبدأ في التكرار، ويعلم الشخص أن هذا الشيء يدخل عليه غصبًا عنه، ولا يد له في بدايته، ويحاول مقاومته - أي توقيفه - ولكنه يفشل، وهنا يجيء التوتر والقلق، وأحيانًا للتخلص من هذا التوتر والقلق يستجيب الشخص لمحتوى الأفكار الوسواسية، فيحصل الارتياح مؤقتًا، وتبدأ الدورة من جديد، ويبدو أنك تخلصت من الأفكار الوسواسية إلى حدٍّ بعيد.

ما ذكرته الآن هو مجموعة من المخاوف، الإحساس بالخوف من أشياء كثيرة وردتْ في رسالتك: الخوف من الحساب، الخوف من لقاء الله، الخوف من أشياء كثيرة، ومعها حمل الهمّ، تحمل همًّا للمستقبل، وتتشاءم.

هذه في مجملها أعراض قلق نفسي، وإن كان هناك صلة بين القلق النفسي والوسواس القهري، فكلاهما يُصنَّفان ضمن اضطرابات القلق عند الإنسان، وعلاجهما نوعًا ما مختلف، فالوسواس القهري مع العلاج بالأدوية يستجيب للعلاج السلوكي المعرفي، وهو عدم الاستجابة للأفكار الوسواسية، مهما حصل من قلق وتوتر.

أما القلق والخوف المستمر، فأيضًا مع الأدوية يحتاج إلى علاج نفسي، كالاسترخاء، لأن الخوف شعور غير مريح، والإنسان يحس بعدم الراحة، فإذا تعلم الاسترخاء العضلي فهذا يُفيده جدًّا، لأن الضدَّان لا يجتمعان، فلا يمكن أن تكون مسترخيًا وخائفًا في نفس الوقت.

لذلك أوصيك بالاسترخاء، وهناك استرخاء بسيط يمكن أن تُمارسه بنفسك، هناك استرخاء بدني واسترخاء نفسي، الاسترخاء البدني: الرياضة، رياضة المشي يوميًا تؤدِّي إلى الاسترخاء، أو التمارين الرياضية في المنزل بصورة مستمرة ويوميًا.

إذا استطعت أن تمارس الاسترخاء العضلي داخل البيت، وهو شبيه برياضة الـ (يوجا)، أن تشدَّ مجموعة من العضلات في جسمك لفترة، ثم تدعها وتُطلقها تسترخي أو الاسترخاء بالتنفُّس العميق، بأخذ نفسٍ عميقٍ وحجزه وحبسه في صدرك لبرهةٍ، ثم تُخرج الهواء من صدرك، هذا أيضًا يؤدِّي إلى الاسترخاء.

إذا استطعت أن تتعاون مع معالج نفسي يُجيد تمارين الاسترخاء ليُعطيك دروسًا حتى تستطيع أن تؤديها بنفسك بعد ذلك.

هناك أدوية كثيرة تُعطى لعلاج القلق والمخاوف، خاصة الآن الأدوية التي تزيد الـ (سيروتونين Serotonin) في مخ الإنسان، أو ما يُعرفُ بـ (SSRIS)، مثل الـ (سبرالكس Cipralex) والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) عشرة مليجرام، نصف حبة (خمسة مليجرام) لمدة أسبوع، ثم حبة يوميًا بعد ذلك، إن شاءَ الله تُساعدك، وسوف يأتي المفعول في خلال شهرٍ ونصفٍ أو شهرين، ولكن يمكنك الاستمرار عليها لفترة ثلاثة إلى ستة أشهر، هذا مع العلاج النفسي الذي يؤدِّي إلى الاسترخاء.

وفَّقك الله وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً