الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتقرب من ربي وأبعد الوساوس عني؟

السؤال

عمري 13 سنة قد أرسلت لكم استشارة من قبل أهي تأتيني وساوس من الشيطان ورد علي د. عقيل المقطري -بارك الله فيه- وأنا الآن أحاول تجاوز هذه الوساوس، لكني أخشى أن أكون قد وقعت في الظلم، فأنا بعيد كل البعد عن ربي، وأصبحت أصلي المفروضة فقط، وأدعوه أن يصرف عني كيد الشيطان فلا يستجيب لي.

هذه المرة سوف أقص عليكم مشكلتي كاملة، أنا منذ بضعة أشهر شاهدت مناظرة للشيخ أحمد ديدات، فأعجبت به ولإحراجه للقساوسة، واستغربت من شدة تحريف كتابهم، ولكن الآن يريد الشيطان أن يجعلني أظلم نفسي بهذه الوساوس التي من عنده، فهو يوسوس لي كثيرًا، لكن عقلي مؤمن، وأقول له: ائت بمثل هذا القرآن، ثم أتكلم، أخشى أن يكون قلبي مطبوعا عليه؛ لأني في الفترة الماضية تعلقت بأخبار كرة القدم، وانشغلت عن ربي، رغم أني كنت أصلي المفروضة، وقبل عيد الأضحى ببضعة أيام ذهبت إلى المدينة، ودخلت الروضة، وذات يوم وأنا أصلي المغرب في المدينة، شعرت أني قد ظلمت نفسي، وبكيت بكاءً شديدًا في السجود، كيف أتقرب من ربي وأبعد هذه الوساوس وأصلح قلبي؟

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فردًا على استشارتك أقول:
إن من فضل الله عليك أنك تصلي الصلوات المفروضات، وهذه نعمة جزيلة، ولكن لا تعود نفسك على التكاسل عن أداء النوافل، فالنوافل مكملة لما يحدث من النقص والخلل في الفرائض، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلاةُ قَالَ يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ انْظُرُوا فِي صَلاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ).

* تقرب إلى الله بنوافل الصوم، وخاصة في هذه الأيام الباردة والتي يقول فيها عليه الصلاة والسلام: (الغنيمة الباردة: الصوم في الشتاء) وسميت بالغنيمة الباردة لوجود الثواب بلا تعب كثير.

* اليهود والنصارى حرفوا كتبهم التوراة والإنجيل؛ لأن الله أوكل حفظها إليهم، وأما القرآن فقد تكفل الله بحفظه فقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وقد تحدى الله الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن فقال: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)، وبالرغم من محاولة اليهود والنصارى تحريف القرآن الكريم إلا أنهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا، فقد مر خمسة عشر قرنا من الزمان، ولا يزال القرآن كما هو لم يتغير فيه حرف واحد، وذلك أن القرآن في السطور وفي الصدور فإن اختل ما في السطر صححه ما في الصدر، والعكس فاستعذ بالله من وساوس الشيطان الرجيم في كل وقت يأتي إليك ليوسوس لك (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، فالاستعاذة من أنفع الأدوية للوسوسة.

* بالمجاهدة ستخرج -بإذن الله- من هذه الدوامة والوساوس، فأكثر من التضرع بين يدي الله وأنت ساجد، يقول عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد).

* ارقِ نفسك صباحًا ومساءً، وداوم على أذكار الصباح والمساء وتلاوة جزء من القرآن يوميًا يضفي ذلك على نفسك طمأنينة وراحة وسعادة.

* لا تنفرد بنفسك، بل اجعل حياتك مع أهلك وزملائك الطيبين المصلين، فالخلوة سبب من أسباب توارد الوساوس.

أسأل الله تعالى أن يلطف بك وأن يصرف عنك وساوس الشيطان وخواطره.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً