الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عند سفري حصل لي توتر وضيق شديد في التنفس.

السؤال

السلام عليكم.

أعاني منذ فترة من أعراض جسدية، أنا شاب، عمري 22 سنة، كنت مدخنا ثم أقلعت عن التدخين منذ سنتين، منذ 9 أشهر تقريبا وأنا في الطريق إلى السفر حدث لي ضيق في التنفس بدون سبب واضح، وكان ضيقا شديدا، وعندما رجعت من السفر قمت ببعض التحاليل وإيكو على القلب وتخطيط للقلب، دكتور القلب قال لا يوجد شيء، ومرت هذه الأيام، ومنذ شهرين كنت مسافرا والطريق طويل وحصل لي بعض التوتر، وشعرت بضيق استمر معي عدة أيام خلال السفر، وكنت لا أستطيع المشي، وكان عندي تعب غريب لا أحد يعرف مصدره، عندما عدت استشرت أطباء كثيرون، أول طبيب كان باطنيا، وأعطاني دواء دوجمنتيل ودواء آخر للمعدة وللحموضة، فلم أصدق هذا الطبيب في شيء، ولم آخذ الدواء، واستشرت طبيبا آخر باطنيا، وطلب تحليل كثيرة ومنها تحاليل للغدد الدرقية، وكانت سليمة، وصورة الدم سليمة، ووظائف الكبد والكلى أيضا سليمة، ماعدا حمض اليوريك كان مرتفعا ارتفاعا بسيطا، وقال لي أنت موهوم، ثم استشرت طبيب صدر لسبب الضيق في التنفس، وعملت أشعة على الصدر وكانت سليمه، توقفت على زيارة الأطباء بسبب كثرة التفكير، ثم شعرت بألم في القلب، كنت أعرف أن هذا الألم شيء كاذب، ولكن كنت خائفا رغم ذلك.

ذهبت إلى طبيب قلب فقام بتخطيط القلب مرة أخرى، وقال لي لم أسمع شيئا غريبا، وقلبك شكله سليم، وأنت شاب وقليلا ما يحدث لشاب شيء في القلب، وإني أشك نوعا ما في القولون العصبي، رغم ذلك طلب عدة تحليل ومنها كالسيوم وبوتاسيوم ومغنسيوم وسرعة ترسيب الدم وتحاليل آخر يكشف إذا هناك التهاب -لا أذكر اسمه- وحمى روماتزمية، وكان كل شيء سليم، فشعرت للحظة أن كل هذا وهم فعلا وأني واهم، كانت حالتي النفسية سيئة نوعا ما بسبب كثرة الأعراض وكثرة الدكاترة، وفي يوم ذهبت إلى طبيب كان صاحب والدي وكان دكتورا باطنيا، قال لي هذا توتر نفسي لا تفكر في هذه الأعراض، وكتب لي دواء اسمه بوسبار، وقال لي استمر على هذا الدواء إلى أن تتحسن، وقسّم الجرعة إلى 3 مرات في اليوم، وها أنا آخذ الدواء لمدة شهر تقريبا، قل عندي نسبة التوتر قليلا، ولكن ما زلت أشعر بأعراض جسدية ومن أهمها الحرقان في جسمي، ينتقل إلى مكان آخر، أنا الآن لست متوتر، ولكن الأعراض موجوده تذهب وترجع ولا أعرف ماذا أفعل؟ فهل أستمر على بوسبار؟ وكم المدة؟ وهل الحرقان ناجم عن التوتر أم بسبب الأعراض الجانبية للدواء أم بسبب ارتفاع نسبة حمض اليوريك العالي وهي 7.7؟ علما أني فقدت 15 كيلو من وزني.

بعض الأقاويل كانت تقول أنه حسد أو سحر أو شيء من هذا القبيل.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ khaled حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

أنا اطلعتُ على رسالتك، وأنت لديك أعراض جسدية متعددة، هذه الأعراض بالفعل ليست أعراضا عضوية، أي أنها لا تُشير إلى وجود مرض عضوي، وأنت قمت بكل الفحوصات المطلوبة -والحمدُ لله هي سليمة- أضف إلى ذلك أن مظهر الأعراض والطريقة التي تأتيك بها ونوعية التوترات التي تُصاب بها تؤشِّر وبما لا يدع مجالاً للشك أن حالتك حالة نفسية.

وأنا أقول لك –أيها الفاضل الكريم– أنت لست متوهمًا، من قال لك أنك تتوهم المرض أعتقد أنه مُخطئ تمامًا، أنت لديك قلق نفسي، لديك توترات نفسية من درجة بسيطة إلى متوسطة، وهذه التوترات تحوَّلت إلى توترات عضوية، إلى توترات جسدية، وهذا أمر معروف تمامًا، وأكثر أعضاء الجسم التي تتأثر بالتوترات والقلق النفسي هي القفص الصدري، لذا تجد كثيرًا من الناس القلقين يحسُّون بضيقة شديدة في الصدر أو كتمة، وفي بعض الأحيان صعوبة في التنفس، وبعض الناس يشتكون مما يعرف بالقولون العصبي لأنه يحدث لهم انقباضات في القولون ناتجة من التوتر، و70% من الذين يشتكون من آلام أسفل الظهر حقيقة أثبتت الدراسات أنها انقباضات توترية أدَّت إلى الآلام في أسفل الظهر، وكذلك الصداع، يُعرف أن هنالك صداع نفسي أو عُصابي، وهو منتشر جدًّا خاصة وسط النساء، وهكذا. وحتى الشعور بالتنميل والشعور بخفة الجسم في بعض الأحيان، هذه كلها تأتي تحت ما نسميه بالحالة النفسوجسدية.

الطبيب الذي أعطاك عقار (بسبار) قد أحسن، فجزاه الله خيرًا، لكن أنت محتاج أن ترفع الجرعة إلى 10 مليجرام ثلاث مرات في اليوم –أي 30 مليجرام– وهي الجرعة العلاجية، وهذه يجب أن تستمر عليها لمدة 3 أشهر على الأقل، بعد ذلك تبدأ في التخفيض التدريجي، وأنا أريدك أن تستعمل دواء آخر، دواء يعرف باسم (مودابكس) واسمه العلمي (سيرترالين) وهو متوفر في مصر.

هذا الدواء ملطف للمزاج، وذو فعالية ممتازة لعلاج القلق والتوتر والمخاوف المرضية، الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة، تناولها ليلاً بعد الأكل، قوة الحبة 50 مليجرام، يعني تتناول 25 مليجرام، استمر عليها لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة 3 أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذًا؛ قسَّمنا لك الجرعة بالكيفية العلمية المعروفة، وهي أن تبدأ بالجرعة التمهيدية، ثم الجرعة العلاجية، ثم تعقبها جرعة الوقاية والتوقف التدريجي، أسأل الله تعالى أن ينفعك بهذا الدواء، ويُعرف أن المودابكس له فعالية تضافرية مع البسبار، أي أن الدوائين يتفاعلان تفاعلاً إيجابيًا مع بعضهما البعض مما ينتج عنه إن شاء الله علاج طيب ومفيد، خاصة أن الدواءين ليس لديهما آثار جانبية، ولا يسببان الإدمان أبدًا.

أيها الفاضل الكريم: الرياضة لابد أن تكون جزءً رئيسيًا في حياتك، لابد أن تمارس الرياضة، لابد أن تنظم حياتك وتُدير وقتك بصورة طيبة، لابد أن تنام مبكرًا، وأن تحرص على أذكار النوم، ولابد أن تشغل نفسك بما هو مفيد إن شاء الله تعالى.

وزنك سوف يتحسَّن قطعًا بعد تناول المودابكس واتباع الإرشادات التي ذكرتها لك.

أسأل الله لك العافية، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً