الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخجل المفرط ولا أندمج بسرعة في المجتمع

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله خيراً، وسدد الله خطاكم.

أنا شاب بعمر 23 سنة، أعاني من الخجل المفرط، ولا أندمج بسرعة في المجتمع، كما أنني لا أستطيع رفض طلب لأحد، لا أستطيع أن أقول: لا، كما أن الأصدقاء الذين أعرفهم يأتون فقط عندما يحتاجوني في إصلاح حاسوب أو نحوه، لأني -الحمد لله- عندي خبرة في مجال الحاسوب والمعلومات.

عند اتخاذي لصديق مقرب أضعه في مرتبة أخي وأدخله منزلنا، وأشاركه الطعام وكل شيء، وفي الأخير أجده يتكلم عني بكلام غير لائق، ويخرج أسراري، ولا يشاركني هو كذلك ثقته بي، أو يتخذها فقط عند حاجته لشيء، مما جعلني أبتعد وأترك العلاقة بيني وبين من أعرفهم في نطاق الحدود، مما جعلني في نظرهم متكبراً.

بعضهم حاول جاهداً تحطيم معنويتي ونفسيتي؛ لأني كنت ذاهباً إلى ممارسة الرياضة في أحد النوادي، واتصل بي صديق، قال: نريد أن نراك وتجلس معنا قليلاً، لم أرفض، فعند انتهائي ذهبت عنده ووجدت معه صديقين آخرين، وأحدهم بدأ يتكلم عن الفتيات، أعرف فلانة وفلانة، وفعلت لفلانة! لم يعجبني الأمر، وقام بتوجيه الكلام لي، هل تتوفر لديك فتاة؟ أرني صورتها، أجبته لا تتوفر، وإن توفر ذلك ففي إطار الاحترام والحلال.

قلت له: هل تظن نفسك حققت إنجازاً بأنك تعرف الكثير من الفتيات؟ ماذا حققت في حياتك غير ذلك ينفعك؟ إلا أنه وجه لي كلاماً أني شخصية ضعيفة، وغير مقبول، ومن هذه الفتاة التي ستقبل بواحد مثلك؟!

ابتسمت وذهبت لأستقل حافلة إلى المنزل، مما جعلني أفكر كثيراً لأنني أعاني من هذه المشكلة أنني أرى شكلي بشعاً، لأنني طويل القامة، ووجهي طويل جداً، وعندي مشكلة تحقير الذات بشكل كبير، وأغلبية الصور تظهر بشعة، وأرى نفسي معاقاً.

علماً أني -ولله الحمد- لا أعاني من أي إعاقة، وبعض الأحيان أرى فتاة وفتى في الشارع أقول في نفسي: لماذا أنا لا تتوفر لدي فتاة، ولا أجيد التكلم إلا أني فقط أبتسم؟ وأقول في نفسي، تحلم! وأكمل طريقي.

علماً أني دائماً ألبس جيداً، وأعامل الناس باحترام وطيبة، لكن كل هذا جعلني أدخل في اكتئاب حاد، وأصبحت منعزلاً عن الكل حتى عن أهلي، وحتى تلك الابتسامة لم تعد لدي، ومتشائم بشكل كبير، ودائماً في دوامة تحقير الذات والنفس، والوحدة القاتلة، أطلب من الله العون، ثم المساعدة منكم.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخ الكريم: كل ما ذكرته هو سمات من سمات الشخصية - أي سمات شخصيتك: الخجل المفرط، عدم الثقة بالنفس، التقليل من الذات، أو تحقير الذات، عدم القدرة لقول لا، للأشياء التي لا تراها صحيحة، ومقارنة نفسك بالآخرين في كثير من الأحيان، والنظر إلى نفسك كأنك أقل درجة أو درجات عن الآخرين، ممَّا أحدث معك نوعاً من التشاؤم وعدم الثقة في النفس.

الأخ الكريم: يجب عليك أن تنظر إلى الشيء الإيجابي في شخصيتك، استقلال الرأي هذا شيء إيجابي، ووضوح الرؤيا شيء إيجابي، لا يجب علينا أن نتبع الآخرين في كثير من الأحيان، حتى ولو تعرَّض هذا لفقد الصداقة، يجب عليك أن يكون عندك معارف أكثر، ولكن أصدقاء أقل، صديق أو صديقان تثق فيهم يكفي، هذا من ناحية مبادئ عامة.

أما – يا أخي الكريم – للتخلص من السمات السالبة في شخصيتك: فتحتاج إلى علاج نفسي، هناك علاجات نفسية واضحة تُسمى (تقوية الذات)، تُعطى من خلال جلسات نفسية، عادةً تكون كل أسبوع، تُعطى إرشادات ودروس عملية لكيفية تصرُّفك في هذه المواقف، وتتم مراجعة التصرفات معك كل أسبوع، تكتسب مهارات جديدة في التعامل مع الآخرين، لنظرتك لنفسك، وهذا يتم بصورة متدرجة ومنضبطة، وتحت إرشادات معالج نفسي، وقد أثبتتْ جدواها في كثير من الأحيان.

أنت لا تحتاج إلى أدوية، ولا تحتاج إلى مؤثِّر خارجي، تحتاج فقط إلى البداية الصحيحة في تغيير الأشياء السالبة في شخصيتك، وتقوية الأشياء الإيجابية فيها، وإذا نظرت بعين فاحصة فقد تجد أن لك أشياء إيجابية عديدة، ولكنك دائمًا تنظر إلى الجانب السلبي في شخصيتك، وبتقوية هذه الأشياء الإيجابية بإذن الله تتخلص من الأشياء السالبة جميعًا وتعيش حياة طبيعية كأي شاب، وتجد الفتاة التي تُشاركك في حياتك وتتزوج بها وتسعد.

وفقك الله وسدّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً