الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بضيق شديدعندما أصلي أو أقرأ القرآن ومستواي الدراسي يتراجع!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: لكم جزيل الشكر على ما تقدمونه من مجهودات في مساعدة المسلمين في كل مكان، أسأل الله لكم خير الجزاء.

ثانيًا: أنا شاب في العشرين من عمري منذ عدة سنوات، مضت كنت أعيش حياتي بشكل طبيعي، كنت أعاني من التهاب في المعدة فقط، وليس لدي أي أمراض أخرى، هذا من الناحية الصحية، وأما من الناحية النفسية فلم أكن أعاني من أي مرض، أو اضطراب نفسي، ومن ناحية دراستي فكنت دائما من الأوائل في صفي من دون حتى بذل جهد في الدراسة -والحمد لله- لكن هذا كان من الابتدائي حتى أكملت المرحلة الإعدادية، وعندما دخلت المرحلة الثانوية أصبحت ألاحظ أن مستواي بدأ يتراجع شيئا فشيئا، ليس بشكل يمكن ملاحظته، ولكن مع الوقت بدأ واضحا حتى للمعلمين في مدرستي، وبقيت على هذا الحال حتى أكملت المرحلة الثانوية، وبمعدل متوسط في ذلك الوقت، حدثت اضطرابات في بلدي، وكانت هناك حرب شاركت فيها مدينتي فلم تبدأ الدراسة الجامعية، وأخدت هذه الأزمة وقتا طويلا حتى انتهت وعادت الأمور إلى ما كانت عليه، فدخلت الجامعة، ولم أكن أرغب بالدراسة، بل لدرجة أني كنت أكرهها، وكنت أذهب للجامعة، وليس لي رغبة بالدراسة، انتهى الفصل الأول، وكنت راسبا في 3 مواد كانت صدمة لي ولأهلي الذين كانوا يتوقعون مني أن أنجح وبامتياز.

منذ ذلك الوقت انقلبت حياتي رأسا على عقب أصبحت لا أثق في نفسي لم أعد قادرا على استيعاب أو فهم دروسي، أنا الذي لم أكن أتخيل أن أرسب في مادة واحدة الآن، وكأني شخص آخر لم يلق بالا للدراسة، بل ازدادت الأمور سوءا تعبت نفسيا أصبحت سريع الغضب، وأصبحت أكره نفسي وأتشاجر دائما مع أصدقائي، وأصبحت لا أثق فيهم.

أصبت بعدة أمراض منها الأكزيما والبواسير والتهاب الجيوب الأنفية، وآلام الظهر والمفاصل، ولم أعد أحافظ على صلاتي، بل وعندما أصلي أو أقرأ القرآن أشعر بضيق شديد، ويكاد نفسي ينقطع، أصبحت أعاني من وساوس في رأسي تقول أشياء فيها سب لله عز وجل، أشياء لا أستطيع قولها حتى لو كنت سأقتل إن لم أقلها، قمت برقية نفسي عدة مرات، ولكن لا فائدة، أهلي يصرون علي دائما بأن أذهب لشيخ ليرقيني، ولكن أشعر أن هناك شيئا يمنعني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا بما في نفسك، أعانك الله ويسّر لك أمرك.

لقد طرح سؤالك عددا من المواضيع، منها ما يمكن معالجته وتدبيره الآن، ومنها ما يحتاج لبعض الوقت، ويفيد تأجيل التعامل معه.

ومن الأمور الأساسية الآن، هو موضوع الوساوس القهرية التي تتعلق ببعض الأمور الدينية المتعلقة بالذات الإلهية، فأرجو أن تطمئن إلى أنها أفكار وسواسية قهرية، ليست تحت سيطرتك، ولا تعبّر عما في نفسك، وهي لا تدل على ضعف الإيمان، بل على العكس، فالأفكار القهرية الدينية تشير في معظم الحالات إلى تمسك المصاب بدينه وبإيمانه، وليس العكس.

ويمكنك أن تحاول السيطرة على هذه الأفكار بردّها وعدم الاستجابة أو الانشغال بها، وإن كان هذا بالأمر العسير في كثير من الأحيان، إلا أنه يمكنك أن تحاول.

ولكن إن طالت المعاناة ولم تشعر بالتحسن المطلوب، فأرجو أن لا تتردد في أخذ موعد مع الطبيب النفسي لينفي أو يؤكد تشخيص الوسواس القهري، ومن ثم العلاج إن وجد، والذي أصبح علاجه أمرا متوفرا في هذه الأيام، سواء العلاج النفسي أو الدوائي.

الأمر الآخر الهام الذي أرجو أن تنتبه إليه هو أن بعض الأعراض التي تعاني منها إنما هي نتيجة طبيعية مُتوقعة كردة فعل على الحرب الدائرة في بلدك ليبيا العزيزة منذ عدة سنوات، والتي ندعو الله تعالى أن يخرجها من هذه الحرب الدائرة والتي يدفع ثمنها الأبرياء مع الأسف الشديد، فالذي يعيش في مثل هذه الأجواء، من الطبيعي أن لا يمارس حياته بالشكل الطبيعي الذي هو معتاد علي، فأرجو أن ترفق بنفسك ولا تحملها ما لا تحتمل، وردة الفعل هذه على هذه الحرب قد تفسر العديد من الأعراض كضعف الحماس للعمل والدراسة، وبالتالي تراجع درجات التحصيل العلمي، وبالتالي يحتاج للخروج من هذا الحال، أولا أن لا تلوم نفسك كثيرا على ردة الفعل هذه، فهي ردة فعل طبيعية لأمر وحدث غير طبيعي، وليس العكس.

وثانيا أن تحاول أن تركز فيما تقوم به من دراسة ومذاكرة، فأنت تحتاج لمضاعفة الجهد وخاصة التركيز والانتباه.

وثالثًا: يعينك كثيرا أن تعيش نمط حياة صحيّ قدر الإمكان، وخاصة التزام الصلاة وتلاوة القرآن الكريم، والتغذية الصحية، وساعات النوم الهامة، والنشاط الرياضي الذي هو أساسي وخاصة لشاب في مثل سنك من الشباب.

وطبعا ما ذكرته لك من خطوات لن تأتي بثماراها مباشرة، ومن أول يوم، وإنما من خلال المثابرة والاستمرار ستلاحظ وبعد مدة وجيزة بأن حياتك قد بدأت بالانعطاف نحو الأفضل ونحو ما تتطلع إليه، ورويدا رويدا ستزداد ثقتك في نفسك، وبحيث تستطيع غدا أن تقوم بما أنت عاجز عنه اليوم...

وإذا حاولت كل هذا ولم تشعر بالتحسن الذي تتطلع إليه، فأرجو أن تتحدث مباشرة مع المرشد النفسي الذي يعمل مع الطلاب في جامعتك، فهو إما أن يستطيع مساعدتك، أو على الأقل يوجهك لمن يستطيع.

وفقك الله، وجعلك من الناجحين المتفوقين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً