الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الزوج في بعض الأمور العائلية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي بخصوص الطاعة.

1- الزوجة ترفض الحضور أول يوم رمضان لبيت أمي، وهذه عادة للعائلة وهو التجمع أول يوم لإدخال السرور على أمي وأبي.

2- عند تجهيز أمي الطعام وإحضاره إلى بيتي، الزوجة ترفض الأكل من حيث الطعم، وهذا ليس بصحيح.

3 - ترفض الذهاب معي عند أمي في بعض الأحيان، وهذا يسبب المشاكل بيننا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخي الكريم-، وردا على استشارتك أقول:

الأصل أن تفعل المرأة كل عمل فيه طاعة للزوج ويكسبها حبه ويوطد علاقتها به ويبعدها عن سخطه؛ لأن من صفات الزوجة الصالحة ما أخبره به نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: (ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته)، فذكر ثلاث صفات: الأولى إن نظر إليها سرته بجمالها وتجملها وبشاشة وجهها، وإن أمرها بأمر أطاعته ولم تخالفه ما لم يكن معصية، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وحفظت ماله وبيته وولده.

لا بد من معرفة الأسباب التي تجعل زوجتك ترفض الذهاب إلى بيت والدتك والاختلاط بهم؛ لأنه إن عرفت السبب بطل العجب وأمكن إصلاح العطب؛ ولأن من جملة الأسباب التي قد تتعذر بها أنها تخشى المشاكل معهم، لكن إن استبان لها أنها مخطئة في هذا فسوف تذهب.

يمكن أن تطلب منها الحضور والبقاء ولو لساعات قصيرة من باب إدخال السرور في قلب والديك وهكذا بهذه الطريقة إن رأت زوجتك أنه لا توجد مشاكل فسوف تطيل مدة الجلوس وتأنس للزيارة.

يبدو أن زوجتك عندها وساوس من السحر؛ ولذلك ترفض الأكل من طعام والدتك، وهذا أمر نفسي يصاب به البعض، ولذلك أرى أن تعذرها وأن تعالج الأمر برفق، وأنا على يقين أنها لو شعرت بمحبة والدتك لها فسوف يزول هذا الشك من رأسها.

عليك أن تجتهد في تقوية عقيدة زوجتك وأن الضر والنفع بيد الله تعالى، وأن من حصن نفسه بالقرآن والذكر لن يضره سحر أو مس -بإذن الله تعالى-.

لا بد أن تحرص على تقوية إيمانها من خلال كثرة العمل الصالح مع إعانتها على ذلك ومشاركتها به، فقوة الإيمان سيجعلها تراقب الله تعالى أكثر وتتقبل أحكام الشرع فيما يخص بطاعة الزوج وغيره.

عليك أن تقترب منها أكثر وأن تغتنم الأوقات المناسبة لتوجيهها، وتسليط من يمكن أن يؤثر عليها من أسرتها أو صديقاتها فيما يخص ما تشكو منه ولو قدرت على التقرب من والديها وكسب محبتهما من خلال الزيارة والإهداء، فالهدية تعمل في القلوب عملها ومن ثم تطلب منهما توجيه ابنتهم بما تريد.

لا تغفل كذلك زوجتك من الهدية، فإن الهدية توطد المحبة والمحبة تجعل المحب مطيعا لمحبوبه، يقول عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا).

يجب على زوجتك أن تعلم ما لها وما عليها من الحقوق، فمن حقك أن تقوم بما يرضيك ويسعدك لكن حين تجهل المرأة تلك الحقوق فلا تقوم بها.

يجب أن تعلم زوجتك أنك باب من أبواب الجنة بالنسبة لها، كما قال عليه الصلاة والسلام لامرأة: "أذات زوج أنت؟"، قالت: نعم، قال: " كيف أنت له؟"، قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: "فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك".

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وسل ربك أن يصلح زوجتك وأن يلهمها الرشد، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

لا شك أنك مهموم بسبب تصرف زوجتك بهذه الطريقة، ولذلك نوصيك أن تلزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

ارفق بزوجتك فالرفق فيه خير عظيم، يقول عليه الصلاة والسلام: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه).

لا شك أنك تكره هذه الصفة في زوجتك ولكن عسى أن تكره شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا، كما قال تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وقال: (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجتك وأن يلهمها الرشد ويقر عينيك بها آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً