الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ما أعاني منه وسواس؟ أفيدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني منذ مدة قصيرة من الكثير من الخوف والتوتر الشديدين، خاصة من فكرة الموت بسبب ما حصل مؤخرا في غزة وفلسطين، إلى أن أصبح وسواس وأفكار سلبية وتخيلات لا تغيب عن بالي، رغم محاولاتي بتجنبها من خلال الالتزام بالعبادة، وذكر الله كثيراً.

وترديد أن الأعمار بيد الله، ولا أحد يعلم الغيب إلا الله -سبحانه وتعالى- ولكن تتعبني كثيرا.

فقدت الشهية للطعام ولجأت لاستشارة الصيدلية ليصف الطبيب لي دواء، فأعطاني فيتامينات، هل هذا فعلا وسواس، وكيف أتخلص منه؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.

حقيقة تأثُّرك لما حدث في غزّة وفلسطين هو تفاعل إنساني وجداني، وحقيقة ما حدث هو أمرٌ مؤلم يهزّ الضمير، فنسأل الله تعالى أن يتقبّل الشهداء، وأن يُعافي ويُداوي الجرحى، وأن يحفظ أهل غزّة وأهل فلسطين قاطبة.

هذه الأحداث قد يمتدُّ تأثيرها على بعض الناس ويحدث لهم ما نُسمِّيه (عُصاب ما بعد الصدمة)، وهذا قد تنتج منه بعض الوساوس والقلق والتوترات والمخاوف، وهذه الأشياء -إن شاء الله- تزول تلقائيًا، أي أن هذه الأعراض تزول تلقائيًا.

وأنا أريدك ألَّا تنظري لهذه التأثُّرات النفسية كأمرٍ خاصّ بك أنت فقط، لا، الكثير من الناس تألَّموا وتأثَّروا، بل نستطيع أن نقول: كلّ الناس من أصحاب الضمير آلامهم كثيرًا ما حدث في غزَّة، إذًا يجب أن يكون لديك الشعور بعالمية الحدث وليس بخصوصيته بالنسبة لك أنت.

وموضوع الخوف من الموت أمرٌ شائع جدًّا -أيتها الفاضلة الكريمة- والخوف من الموت يجب أن يكون خوفًا شرعيًّا وليس خوفًا مرضيًّا، والخوف الشرعي يعني أن الإنسان يُدرك إدراكًا يقينيًّا قاطعًا أن أجل الله إذا جاء لا يُؤخَّر، وأن الموت هو الوعد الحق، {إنك ميِّتٌ وإنهم ميتون}، يجب أن تكون هذه القناعات موجودة عند الإنسان المسلم، وهذا لا يعني أن يُعطّل الإنسان حياته، على العكس تمامًا، أن يسعى الإنسان لأن يعيش حياة طيبة، حياة نافعة، حياة مفيدة له ولغيره، ويستمتع بالحياة.

أمَّا أن يتحدّث الإنسان عن الخوف من الموت فقط دون أن يقوم بأي أفعالٍ مفيدة فهذه مشكلة كبيرة جدًّا.

ويا -أيتها الفاضلة الكريمة-: قطعًا الحرص على العبادات، خاصة الصلاة في وقتها، والأذكار، وتلاوة القرآن، والدعاء، هنالك أدعية نعتبرها أدعية جوهرية في حياة المسلم، أذكار الصباح والمساء، أذكار النوم، أذكار الاستيقاظ، أذكار درء الكوارث هذه كلها موجودة لدينا في السُّنَّة المطهرة، فاحرصي على ذلك.

وأيضًا أنصحك بأن تصرفي هذه الأعراض من خلال حُسن إدارة الوقت، وتجنُّب السهر، بمعنى أن تحرصي على النوم الليلي المبكّر، وتُمارسي رياضة، الرياضة مهمّة جدًّا ومفيدة جدًّا، أيضًا التواصل الاجتماعي ضروري، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، كلَّ هذه الأنشطة والفعاليات والتوجّهات حقيقة تصرف انتباه الإنسان كثيرًا من الخوف.

ويجب أن تضعي في حياتك أهدافا، وأنا متأكد أنه لديك الكثير من الأهداف، واسعي وطبّقي وابحثي عن الآليات التي توصلك إلى أهدافك، هذا مهمٌّ جدًّا.

وحتى نطمئن عليك تمامًا سوف أصف لك دواء بسيطًا مضادًا لقلق المخاوف، الدواء يُعرف باسم (سيبرالكس) واسمه العلمي (اسيتالوبرام) أنت تحتاجين له بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة، تبدئي بجرعة نصف حبة -أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- تتناولينها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذه جرعة صغيرة من دواء فاعل جدًّا وسليم جدًّا، وغير إدماني، ولا يُؤثِّر على الهرمونات النسائية.

أرجو -أيتها الفاضلة الكريمة- ألَّا تعتمدي على الدواء فقط، بل خذي بالآليات العلاجية الأخرى، وطبّقي واتبعي الإرشادات التي أوردناها، وتناولي الدواء.

وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً