الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي يتحدث مع أناس يتخيلهم، فما تشخيص حالته؟

السؤال

السلام عليكم.

أرجو أن تكونوا بصحة جيدة وبأمان.

أبي في السبعينيات من عمره، ومنذ فترة لاحظنا أن أبي يتحدث مع من يشاهدهم على التلفزيون عندما يكون وحده في غرفته، وتطور الأمر بعد ذلك، كأن يخبرنا أنه يسمع ما يحدث في المنزل المقابل في الجهة الأخرى من الشارع الذي نسكن به، وبدأ يؤلف قصة لأهل البيت الذين يقطنون به، وأن الفتاة التي تسكن بالمنزل تبكي على فراق أمها وأبيها، ومرة يقول إن خالها جاء ليأخذها معه، وهي لا تريد أن تذهب، وغيرها من القصص حول هذه الفتاة.

علما بأن المنزل به شباب فقط وقد توفيت أمهم منذ فترة، وقد قمنا بإخراجه بالسيارة، وذهبنا به بأنفسنا لهذا المنزل لنريه أن ما يقوله لا وجود له.

ومع مرور الأيام أصبح قليل النوم والأكل، ويتحدث باستمرار مع أناس من أقاربنا توفوا من زمن بعيد، وأقاربنا الأحياء كذلك، وعندما نكون جنبه يتحدث معنا بشكل طبيعي، وكأن شيئا لم يحدث، وعندما نذهب من حوله يبدأ في الحديث مع من يتخيلهم!

قمنا بعرضه على دكتور مخ وأعصاب، وبعد التحاليل والفحوصات قال بأن كل شيء سليم، والحمد لله، فعرضناه على مقرىء ومعالج بالقرآن، وعلى شيخ آخر، وقالوا لنا إنه ليس به مس أو سحر.

لكن مؤخرا لاحظنا أن الحالة زادت عليه، وأصبح مرة يرى أناسا يريدون أن يقتلوه، ومرة أناسا يريدون ذبحنا، ومرة أناسا يريدون سرقتنا، ومرة يرى أناسا يطلبون منه نقودا، ومرة أناسا يريدون إعطاءه نقودا.

فالحقيقية عجزنا عن فهم ما يمر به ونطلب مساعدتكم.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ibrahim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأنا سعيد جدًّا بمشاركتك، ودائمًا أنت تهتمّ بشؤون الآخرين كما ألاحظ، وطبعًا اهتمامك بأمر والدك هذا الأمر حقيقة لهو من الأشياء التي لا بد أن نشيد بها، ولك إن شاء الله تعالى أجر عظيم.

حالة والدك واضحة جدًّا، فقد عرضتها بصورة جلية ومُنظمة، الذي يُعاني منه هذا الوالد – حفظه الله – مرض ذُهاني يُسمَّى بـ (الاضطهاد الباروني)، وهو نوع من الشكوك الظنانية التي يكون صاحبها مُقتنعا بها اقتناعًا مُطلقًا، وفي ذات الوقت قد تكون هنالك هلاوس سمعية أو هلاوس بصرية.

هذه الحالة حالة نفسية ذُهانية معروفة، تحدث لبعض كبار السِّنّ، ولا يُعرف سببها بالضبط، لكن ألاحظ أن بعض حالات تدهور الذاكرة في بداياتها قد تكون معها أعراض على هذه الشاكلة.

لا أقول – يا أخي – إن والدكم قد أُصيب بالخرف أو شيء من هذا، لكن هذا أمر لا بد أن نلفت إليه النظر، حيث إن الطبيب سيقوم بفحصه، ولا بد أن تُجرى له أيضًا اختبارات الذاكرة.

فيا أخي الكريم: اذهبوا بوالدكم إلى الطبيب النفسي، وليس طبيب المخ والأعصاب، أي طبيب نفسي يستطيع أن يُشخِّص هذه الحالة، ويُسدي إن شاء الله تعالى النصائح المطلوبة، وقطعًا الوالد يحتاج لأحد الأدوية المضادة للذُّهان، ولا بد أن يكون الدواء دواءً سليمًا وفاعلاً ويُناسب عمره.

فلا تتأخّروا أبدًا في أن تذهبوا بوالدكم إلى الطبيب النفسي، وبالفعل هذه الحالات تتطوّر بمرور الزمن، فبعد أن يكون الأمر محصورًا في الظنان والأفكار يتغيّر السلوك، يضطرب النوم، وفي بعض الأحيان يكون هنالك نوع من الانفعالات السلبية، وربما حتى التعانف، إن شاء الله هذا لن يحدث لوالدك، ولكن وددتُّ أن أنبِّه لذلك.

والذُّهانيات مؤلمة جدًّا للنفس، فيجب أن تذهبوا بوالدكم للعلاج، أرجو أن تذهبوا به إلى الطبيب النفسي، وهنالك خمسة أو ستة أدوية أيٍّا منها سوف يصلح للوالد إن شاء الله، ولا بد أن نُراعي في اختيار الدواء إذا كان لديهم سكر أو ضغط أو ارتفاع في الدهنيات، وهناك أدوية نفسية فاعلة جدًّا لعلاج مثل هذا المرض، لكنها قد ترفع من مستوى السكر أو الدّهنيات في الدم، وهذه أيضًا معلومات معروفة للأطباء.

فأرجو – أيها الفاضل الكريم – أن تفيدني بعد أن يكون والدكم الكريم قد عُرض على الطبيب النفسي وليس طبيب الأعصاب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً