الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يوجد لدي أصدقاء وأمي تمنعني من الخروج من البيت!

السؤال

السلام عليكم

نشكركم على هذا الموقع الجميل والمفيد، وبارك الله بكم على حل مشاكل الناس.

أنا شاب ضعيف الشخصية، أشعر بأنني أقل من الناس، ولا أستطيع أن أدافع عن حقي، ولا أملك إلا صديقا واحدا، وأشعر أن الناس تكرهني، ولا أخرج من البيت إطلاقا لأن والدتي لا تقبل بذلك، وعندما أسالها لماذا؟ ترفض خروجي من البيت، وتقوم بالصراخ في وجهي.

أشعر أن لا حاجة لي لأن أصلي، وأريد أن أقوي إيماني بالله لكنني لا أستطيع مهما حاولت، وأمارس العادة كل يوم، وأريد ان أتخلص منها لأنها أولا حرام شرعا ولأنها ضارة، ولكنني لا أقدر أن أتركها، ولا ليوم واحد.

أرجو منكم مساعدتي في تقوية شخصيتي وإقناع أمي بالخروج، وأن ألتزم في صلاتي، والابتعاد عن هذه العادة السيئة، وأن يكون لي أصدقاء.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جمال الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا

رغم صغر سنك إلا أن ما تكتبه ينم عن عقلية شخص راشد.

ما تعاني منه من وحدة وعدم وجود أصدقاء إلا صديقًا وأحدًا قد يكون هذا بسبب الظروف التي تعيشونها، وأحيانا بسبب الحجر المتعلق بجائحة كورونا.

أما تصرف الوالدة معك، فقد لا يكون تصرفا ملائما، ولكن رغم ذلك عليك أن تلتمس لها الأعذار بسبب كونها والدتك أولا، ولما تواجهه من مشاكل الحياة وظروفها ثانيا.

وتبقى طاعة الوالدين واجبة، وينبغي تعظيم هذا الأمر، واحتمال أي أخطاء تبدر من الوالدة، والتلطف في التنبيه عليها، يقول الله -عز وجل- ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِیَّاهُ وَبِٱلۡوَ ٰ⁠لِدَیۡنِ إِحۡسَـٰنًاۚ إِمَّا یَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَاۤ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَاۤ أُفࣲّ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلࣰا كَرِیمࣰا﴾ [الإسراء ٢٣].

أما رغبتك بزيادة إيمانك فهذا أمر مطلوب ومحمود، ولكن لم يتضح لنا عدم رغبتك في الصلاة، رغم إنها عمود الدين، وهي من أعظم أسباب زيادة الإيمان، وإذا لم يتيسر لك الصلاة في المسجد فلا ينبغي ترك الصلاة في البيت.

واجتهد أن تصلي الصلاة على وقتها، فهذا من افضل الأعمال عند الله تعالى، وتعودك الترتريب والنظام، يقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَیۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ قِیَـٰمࣰا وَقُعُودࣰا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ كِتَـٰبࣰا مَّوۡقُوتࣰا﴾، [النساء ١٠٣].

أما موضوع العادة السيئة فلأجل التغلب عليها، عليك أن تشغل وقتك بأنشطة مختلفة، وحبذا لو كان هناك أنشطة حركية كالمشي والرياضة لتفريغ طاقتك الزائدة، وأيضا حاول ألا تنام نهارا، كي يأتي الليل وتنام بسهولة.

ومن أفضل الأعمال الاهتمام بصلاة الجماعة والتعلق بالمسجد، وهذا الأمر بالنسبة لك فيه ميزتان: الأولى: أن تكون شابا نشأ في طاعة الله، والثانية: أن يتعلق قلبك بالمساجد، وهذه صفة من يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما في الحديث الشريف: عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبادة الله تعالى، ورَجُلٌ قَلْبُه مُعَلَّقٌ بالمساجد، ورَجُلانِ تَحَابَّا في الله: اجْتَمَعَا عليه وتَفَرَّقَا عليه، ورجلٌ دَعَتْه امرأةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ، فقال: إِني أَخاف الله، ورجلٌ تصدَّق بصَدَقَةٍ، فأَخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُه ما تُنْفِقُ يَمِينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)؛ متَّفق عليه.

من وسائل السيطرة على العادة السيئة عدم متابعة المسلسلات أو الأفلام التي تغذي الصور الذهنية كصور النساء والمشاهد المخلة بالحياء.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً