الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رغم التزامي وشخصيتي إلا أن حياتي متذبذبة، أرشدوني.

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، مهندس، وذو مكانة اجتماعية مرموقة، ومعروف بخلقي والتزامي وصدقي، وأُعتبر مرجعاً لعدد جيد من الشباب ممن هم حولي، ويؤخذ برأيي، ورأيي معتبر، وأساعد الناس على الخروج من أزماتهم؛ أي إنني غالباً أعرف الداء والدواء.

حياتي الشخصية فاشلة، لا أصبر على واقعي، أريد أن يتحسن بسرعة، وفي الفترة الأخيرة أخذت قرار خطبتي بشكل متعجرف، وغير مفهوم، وفسخت الخطبة بعد شهر فقط، دون وجود أي مشاكل، وبطريقة سيئة جداً، آذيت فيها خطيبتي وأهلها، علماً أنهم قبلوا بي على الرغم من سوء حالتي المادية.

خسرت أعمالاً كثيرة، ورب العالمين عوضني خيراً منها، ورجعت وخسرتها بسبب عدم التحسن الوظيفي، علماً أنني في أي عمل أكون متميزاً جداً.

من الأمور السيئة المؤثرة على حياتي كثرة النساء حولي، ومحاولتهن التقرب مني، فأضعف تارة، وأتوب تارة، ولذلك أخذت قرار خطبتي المتعجرف لكي أصون نفسي، والذي أنهى مستقبل أنثى لا دخل لها، كانت ضحية قرار شخص غير مسؤول.

أرغب بالموت أحيانًا لأرتاح من هذا التقلب في الحياة، وأشعر بتأنيب الضمير كثيراً، أقرأ المعوذات، ومواظب على الصلاة، وأتصدق، وأساعد الملهوف، وكله في سرية تامة، أخاف من الرياء.

أعلم أنه يجب علي التفكير قبل القرار، لكن عندما أتعرض للضغط أنسى التفكير، وتدفعني مشاعري لاتخاذ القرار بشكل أناني، أشعر أني من الذين ختم الله على قلوبهم، فأنا أدعو وأتوب، ولكن لا يتحسن أمري أبداً، مشكلتي: أني أرغب أن أكون في القمة دائماً، وأعرف أن الإنسان المؤمن هو من يرضي ربه، ويرضى بقسمته ونصيبه، لكن لم لا يحصل هذا الشيء أبداً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونسأل الله أن يكتب لك التوفيق والنجاح، وأن يُعينك على اتخاذ القرار الصحيح، الذي يضمن لك السعادة والاستقرار.

لا يخفى عليك أن الأمور تحتاج إلى دراسة قبل الدخول فيها، وخاصّة هذا الملف الاجتماعي، وهو تكوين أسرة، يحتاج إلى نظرات بعيدة، وعليه أرجو أن نتفق أولاً على هذه الخطة التالية:
- إذا أردت أن تبدأ المشروع فابدأ بالدعاء، وسؤال الله التوفيق.
- ثم عليك أن تصلي صلاة الاستخارة.
- ثم عليك أن تتشاور مع أهل الخبرة والدراية.

ونقترح عليك في المراحل القادمة أن تتواصل مع موقعك، وتعرض تفاصيل الفتاة التي تريد أن تقترب منها قبل أن تُخبرها بعد ذلك؛ حتى نرتّب معك الخطوات المناسبة التي ينبغي أن تبدأها، وعمومًا الشاب ينبغي أن يستخير ويستشير، وبعد ذلك يُدخلُ أهله في الصورة، بعد أن يكوّن صورة عن الفتاة، ويُرسل أهله والأخوات من أجل أن يتعرفن على الفتاة، ويتعرفن على أهلها، وهذا حق للطرفين، أن يسألوا عنَّا ونسأل عنهم.

ثم بعد ذلك يتخذ قراره الصحيح بطريقة صحيحة، وعليك أن تشعر أيضًا، وتعلم أن بنات الناس لسن لعبة، وأن الإنسان ما ينبغي أن يفعل مع بنات الناس ما لا يرضاه لأخته أو لعمّته أو لخالته، وأنت -ولله الحمد- تشعر بهذا، وكل ما حصل هو أمرٌ قدّره الله تبارك وتعالى، لكن قدِّم رجلك بالخطوة لموضعها، والخطوة المناسبة، الإنسان عليه أن يتخذ الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب.

ومن الأسباب في هذا الاستخارة، والاستشارة، ودراسة الموضوع، والنظر في العواقب، النظر في مآلات الأمور، والنظر في الخيارات المتاحة، هذه خطوات لا بد للإنسان أن يتخذها، والقرار الصحيح يُبنى على قواعد صحيحة.

إذا كنت -ولله الحمد- مستشاراً، فأنت تعرف هذه الأمور، فاجعلها منهاجًا لك، ولا تتصرف في وقت الانفعال، وفي الوقت الذي عندك فيه تأرجح نفسي، أو اضطراب، أو مشكلة، ولا تجعل أي قرار تتخذه كردة فعل، إنما تأخذ القرار بتأنٍّ؛ لأن العلاقة الزوجية رحلة طويلة، وليست مجرد علاقة بين شاب وفتاة، ولكنّها بين أسرتين، بين بيتين، بين قبيلتين أحيانًا، بين مدينتين، أو دولتين إذا كانت الزوجة من دولة أخرى، وسيكون هاهنا أعمام وعمَّات، وسيكون في الطرف الثاني أخوال وخالات، وهي علاقة لا تصمد إلَّا إذا أُسِّستْ على تقوى من الله ورضوان.

فاجعل التأنّي لك منهاجاً، واستعن بالله تبارك وتعالى، وشاور مَن حولك من الخبراء، كما يُشاورك الناس أيضًا؛ لأن الإنسان حتى ولو كان عاقلاً، إذا شاور الآخرين فإنه يُضيف عقولهم إلى عقله، ونضجهم إلى نضجه.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً