الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاج الدوائي لعدم التركيز والتشتت الذهني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي يعمل شرطيا منذ أكثر من عشر سنوات، وهو رجل ملتزم ومنضبط جداً ومتفانٍ ومخلص في عمله، ولكن مشكلته أنه يعاني من عدم التركيز والتشتت الذهني، مما يسبب له الإحراج مع زملائه.

وهذه المشكلة جعلته يشعر بالخوف والقلق من الجهاز اللاسلكي الذي يعمل به أثناء البلاغ عن الحالات، فهو لا يستطيع التبليغ عن الحالة، وينسى ما يود أن يقوله، ولا يركز فيما يقوله الآخرون، ولذلك فإنه يتعرض للاستغلال في العمل وفي كافة حياته بسبب طيبته الزائدة، حيث لا يستطيع أن يقول (لا) لأي شخص كائناً من كان، مما أثر على صحته كثيراً وأثر على تعامله معنا، فأصبح لا يحتمل أي كلمة أو نصيحة من أسرته، وأصبح يشعر بثقل في رأسه وكأنه مشدود لأنه سريع الانفعال، فما الحل معه؟!

علماً أن نفسيته ساءت كثيراً وأصبح يفكر في الجهاد للخلاص من حياته، وأخاف عليه كثيراً، وأشعر بإحباط شديد عندما أراه بهذه الحالة، وأتمنى أن أراه قوي الشخصية يدافع عن حقه ولا يخجل من أحد، فهل من علاج دوائي لحالته؟!

أفيدوني وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميمي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنني حين تمعنتُ في هذه الرسالة أتى إلى خاطري أن هذا الأخ قد لا يتمتع بدرجة كبيرة من الذكاء - هذا مع احترامي الشديد له - فربما تكون مقدراته العقلية الذكائية فيها شيء من المحدودية، وهذا جعله دائماً يكون مستكيناً، ويعطي الشعور بالسلبية وعدم الفعالية وأنه ضعيف الشخصية، فهذا هو الذي استخلصته من هذه الرسالة.

لا أقول أنه متخلف عقلياً، ولكني أقول إن مقدراته المعرفية ليست مرتفعة للدرجة التي تجعله يكابد الآخرين ويستطيع أن يثبت ذاته، ويكون له حضور في الأوضاع الاجتماعية التي تتطلب إثبات الذات، وبعد ذلك تحول الأمر إلى درجة من المخاوف الاكتئابية، فأصبح قلقاً وأصبح متوتراً، وهو يعيبه أنه لا يستطيع أن يعبر عن ذاته بصورة واضحة، ولذلك اشتد القلق عنده ويكون هذا نوعاً من القلق المخفق داخلياً.

هذه الحالات تستجيب للأدوية بصورة فعالة، وأعتقد أن هذا هو خط العلاج الأول، فهناك دواء يعرف باسم (سبراليكس)، فهو دواء محسن للمزاج ويزيل القلق ويزيل التوتر والمخاوف، وأعتقد أنه لابد أن يبدأ به، وجرعة السبراليكس هي عشرة مليجرام ليلاً، ويستمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم يرفع بعد ذلك هذه الجرعة إلى عشرين مليجرام ليلاً، ويستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يبدأ في تناول الجرعة الوقائية وهي عشرة مليجرام من السبراليكس ليلاً لمدة سنة كاملة، وهذا الدواء غير إدماني وغير تعودي، وإن شاء الله سوف يجري له الكثير من الارتياح النفسي والتفاعل الإيجابي.

هناك دواء بديل يعرف بـ(زولفت) وجرعته هي خمسون مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم ترفع إلى مائة مليجرام – حبتين – ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى حبة واحدة – خمسين مليجرام – ليلاً لمدة سنة كاملة. ولكن من رأيي أن السبراليكس هو الأفضل، وعموماً هذه هي الخيارات الدوائية، وهذه في نظري مهمة جدّاً له.

يأتي بعد ذلك أمر المساندة في نطاق العمل والمساندة في نطاق المنزل والمساندة في المحيط الاجتماعي، فلا شك بما أنك أخصائية اجتماعية ومدركة لأهمية المساندة الاجتماعية، فأرجو أن تقومي بهذا الدور وهو إشعاره بأهميته، وأنه محبوب، وأنه مرغوب، وأنه له حضوره ووجوده، فهذا مهم جدّاً، مع إعطائه بعض الإرشاد النفسي في كيف يدير وقته وكيف يتواصل مع الآخرين، وهكذا.

بعد ذلك تأتي المساندة الاجتماعية من الآخرين أيضاً، فانظري إذا كان في الأقارب أو الأصحاب من يقدم له المساعدة الاجتماعية والتواصل فهذا سوف يساعده كثيراً، وحتى على نطاق العمل إذا كانت هنالك مضايقات حقيقية، فلا مانع أن يتحدث أحدكم مع أحد المسئولين ليقوم بتحسين وضعه فيما يخص العمل.

أما بالنسبة للمهارات الاجتماعية وتقوية الشخصية، فأعتقد أنه ليس عنده ضعف في الشخصية، وإنما هو ضعف في المدارك أو المدرك العام يجعله يظهر بهذه الصورة، فأرجو مساعدته في أن يزيد من معلوماته ويزيد من ثقافته ويقرأ ويطلع ويتفاعل، وهناك المهارات الاجتماعية البسيطة يجب أن يتعلمها مثلاً حين يتحدث مع الآخرين يجب أن ينظر في وجوههم، ويجب أن تكون لديه حصيلة من المعلومات يخاطب بها الآخرين، هذا أمر أعتقد أنه مهم جدّاً.

أما تفكيره في الجهاد ليتخلص من حياته فهذا ليست توجهاً صحيحاً، فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام ولكن الإنسان لا يفكر فيه من أجل الخلاص من حياته، فأعتقد أن القلق والتوتر والاكتئاب هو الذي جعله يأخذ هذا المنحى من التفكير، وحين يتناول الدواء سوف يتحسن إن شاء الله تعالى، وأنا على ثقة كاملة أن مستوى تفكيره سوف يتغير في هذا السياق.

نسأل الله له الشفاء والعافية، وجزاك الله خيراً على اهتمامك بأمره، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً