الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتصبر مع فوات من كنت أريد الزواج بها؟

السؤال

السلام عليكم.

أحب فتاة وتحبني منذ أربع سنوات، والآن ستُخطب بسبب قلة حيلتي في موضوع الخطبة، فلا مال ولا بيت، فماذا أفعل في هذا الموقف الصعب؟!

علماً بأني أعمل ليلاً نهاراً، وأستطيع أن أجلب المال في الحرام لكني أخاف الله رب العالمين، فأرشدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل جلاله أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليّاً ونصيراً، وأن يوسع رزقك، وأن يرزقك زوجة صالحة تكون عوناً لك على طاعته ورضاه جل جلاله.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن هذه المرحلة من الشباب يحدث فيها ميل طبيعي للنساء، فقد قال تعالى: ((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ)[آل عمران:14]^، ففطرنا جل جلاله على حب الشهوة، وأعظم شهوة إنما هي شهوة النساء والرجال، فالرجل يشتهي المرأة منذ أن أصبح بالغاً وتفجرت لديه طاقات لم تكن بهذه القوة من قبل، وكذلك المرأة أيضاً يصبح شغلها الشاغل أن يمنَّ الله عليها بفارس أحلامها الذي تكمِّل معه حياتها وتستكمل معه دورها في هذه الحياة، وتلك سنة الله تعالى، وهناك حبٌ ينشأ في تلك الفترة بين الشباب رجالاً ونساءً ذكوراً وإناثاً، خاصة إذا وجد الإنسان أن هناك بعض التوافق بينه وبين بعض الفتيات، فإنه تنشأ تلك العلاقة القوية والعنيفة.

وأحياناً تكون العلاقة مجرد تعلق قلبي لا يترتب عليه أي سلوك مادي طبيعي، وأحياناً تزيد عن هذا الحد فتتحول من مجرد التعلق القلبي إلى علاقات حميمة وطيدة قد يترتب عليها الكلام ويترتب عليها اللقاءات والمقابلات، وقد يزيد الأمر على ذلك، وهذه سمة من سمات هذه الفترة، ولكن العبد الصالح الذي يمنَّ الله تبارك وتعالى عليه هو الذي ينضبط في ذلك كله بضوابط الشرع، فقد ألزم الله تبارك وتعالى الإنسان بضوابط للحياة، منها عدم الاعتداء على حقوق الآخرين، وهذه الفتاة لا تملك نفسها وإنما هي من أسرة، وهذه الأسرة من حقها أن تكون الفتاة محافظة على نفسها حتى لا تشوه سمعتهم ولا تلوثها بالمنكرات والمعاصي والعلاقات المحرمة.
ولذلك فإن الحب ينبغي أن يتحول إلى زواج، حتى تنطفئ نار الشهوة تحت المظلة الشرعية، ولا يكون في ذلك من حرج، ولكن أحياناً قد تحدث أمور خارج إرادة الإنسان، فقد يحب الإنسان فتاة وتحبه ويرى أنها أفضل نساء الدنيا وهي ترى أنه أفضل رجال العالم، ولكن يقدر الله تبارك وتعالى قدراً لا نعلمه بأن الظروف لا تسمح بالارتباط بها، وذلك لأن أهلها قد يرفضون أحياناً رغم أنه لا مانع لدى الزوج، فقد يكون قادراً بدنياً ومادياً، ولكن أسرته ليست في مستوى أسرة هذه الفتاة فيرفضونه، وقد يتقدم إليها من هو كامل من كل الجهات المادية إلا أن أهلها لا يقبلونه، فهذا أمر طبيعي يحدث في دنيا الناس ليل نهار صباح مساء، ولعلك تسمع وسمعت وما زلت وستسمع عن ذلك كثيراً في عالم الحياة.

وكون هذه الفتاة التي تحبها ستُخطب بسبب قلة حيلتك في موضوع خطبتها فإن هذا قدر الله تعالى، كما أخبرنا حبيبك صلى الله عليه وسلم: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)، ومن هذه المقادير ما يتعلق بالزوجات والأزواج، فأنت لك حظ من النساء ستدركه لا محالة، فإذا كان لك فيها من نصيب فستكون لك مهما حدث.

فعليك أن تترك الأمر لله تعالى وقل: (قدر الله وما شاء فعل)، لأنها لو كانت لك ليسر الله لك الوصول إليها، وليس الفقر عيباً، وإنما قد يكون سبباً من أسباب الموانع لحكمة يعلمها الله تعالى، وكم من فقراء تزوجوا، فاعلم أن لك زوجة تنتظرك وستنتظرها بإذن الله تعالى، فدع هذه الفتاة تمضي إلى حال سبيلها، وامض أنت إلى حال سبيلك.

وفوض الأمر لله تعالى واترك له الأمر وحده سبحانه، واعلم أن صبرك وتحملك وعدم وقوعك في الحرام لن يضيع عند الله وسيرزقك الله خيراً منها؛ فقد ورد في الحديث: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)، فارض بقضاء الله وقدره، واقطع علاقتك بها فوراً، ولا تفكر في الحرام أبداً، لأنك إن فكرت في الحرام وجمعت المال منه فلن يبارك الله لك فيه، ولن يبارك في صحتك وأسرتك، بل وستعاقب عقاباً شديداً قد يكون عاجلاً في الدنيا وقد يكون آجلاً يوم القيامة، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، واعلم أن الله لا يضيع أهله، وأبشر بفرج من الله قريب، ومن أدراك قد يرزقك الله خيراً منها.

نسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يرزقك رزقاً واسعاً وزوجة صالحة وذرية طيبة، وأن يسعدك في دنياك وآخرتك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً