الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسوسة بتقدم العمر وفوات الزواج

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 25 عاماً، أعاني من ضيق شديد وتفكير بأني كبرت، ودائماً أفكر في سن الثلاثين، وأغلب اختلاطي مع أناس أكبر مني بكثير، ودائماً أقول: ستبدأ تظهر التجاعيد، ولن تصلح عليّ الملابس و... إلخ، خصوصاً أنني لم أستمتع بشبابي، فقد كان كله مشاكل، وتم طلاقي من زوجي.

قد صرت أتحسف على عمري الذي ضاع، فلا دين ولا دنيا، وأحسد البنات اللاتي في مقتبل العمر على أعمارهن، وأنهن سيقضين أعمارهن بطريقة صحيحة، ولسن مثلي في هم وغم، أعلم أنه تفكير سطحي لكن ليس بيدي، فهل من الممكن أن تساعدوني في إزالة عقدة العمر عندي؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ورود الأمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

إن الذي تعانين منه ليس اكتئاباً حقيقياً، إنما هي أفكار وسواسية تسلطت عليك وجعلتك تحسين بدرجة من الكدر وعسر المزاج، وأنت وصفت أن هذا الفكر هو فكر سطحي ولكنه ليس بيدك، وأنت صادقة في ذلك تماماً؛ لأن الفكرة الوسواسية غالباً تكون فكرة سخيفة تتسلط على صاحبها ويجد صعوبة في مقاومتها أو صدها.

العلاج يتمثل في أن تفكري بعمق في هذه الأفكار الوسواسية، وتحلليها التحليل الدقيق حتى تصلين إلى حقيقة أنها أفكار سخيفة ولا تستحق أن تشغلك لهذه الدرجة، وبتكرار مثل هذه القناعات سوف تصلين إلى المرحلة التي تجعلك تتجاهلين هذه الأفكار وإسقاطها من منظومة التفكير المعتدل لديك، هذا ليس بالصعب، ويتطلب فقط الجدية والتركيز، ومحاولة إقناع الذات.

ثانياً: عليك بالقيام بمراجعات عامة لتفكيرك، وهي أن الإنسان يتغير ويتبدل حسب المرحلة العمرية والشباب لا يدوم، والإنسان يسأل الله تعالى أن يصلح حاله وأن يطيل عمره في عمل الخير وفيما هو صالح، فتأملي وفكري وقولي: (أنا أبلغ من العمر خمسة وعشرين عاماً، ولا شك أن هذا هو ريعان الشباب ويجب أن أفجر طاقاتي وأستفيد من هذه الفترة العمرية، ولماذا أشغل نفسي بهذه الأفكار السخيفة؟).

ركزي على دراستك وعلى الاطلاع وعلى توسيع آفاقك وعلى التواصل الاجتماعي، ورفع الكفاءات والمهارات الاجتماعية بجميع أنواعها.

لا تجعلي للفراغ فرصة أبداً ليسيطر عليك، أديري وقتك بصورة صحيحة، شاركي في نشاطات اجتماعية مثل الأعمال التطوعية والخيرية، هذه تعطي الإنسان الرضا وتجعله لا يلتفت للأفكار السطحية أو غير المجدية، تجعل الإنسان يحس بعمق وأهمية ومعنى الحياة الأصيل، وهذا لا شك أنه يزيل هذا الفكر الوسواسي الذي يسيطر عليك.

أريدك أيضاً أن تطبقي بعض الحيل السلوكية البسيطة منها أن تفكري في الفكرة الوسواسية، ثم بعد ذلك تأتين بفكرة مضادة ومخالفة لها تماماً، حاولي أن تفكري الفكرة المضادة والمخالفة، عززيها وكرريها، وهذا - إن شاء الله تعالى – يمثل استبدالا تاما للفكر الوسواسي السلبي.

التمرين الثاني هو أن تتأملي في الفكرة الوسواسية فيما يتعلق بظهور التجاعيد وأن الملابس لم تصلح لك، وأنت في قمة هذا التفكير الوسواسي قومي بالضرب على يدك بشدة وبقوة حتى تحسين بالألم، اضربي يدك على جسم صلب كالطاولة مثلاً، كرري هذا التمرين خمس مرات إلى ست.

الفكرة هي أن تربطي بين الفكر الوسواسي وبين إحساس وإشعار جديد، وفي هذه الحالة هو الألم الشديد، وقد وجد علماء السلوك أننا حين نربط ونزاوج بين الإحساسين المتضادين هذا يؤدي إلى إضعاف الفكر الوسواسي، هذا تمرين جيد ولكنه يتطلب أيضاً التركيز والجدية ومحاولة إقناع الذات بأنه علمي وفعال.

حتى نساعدك على تحسين مزاجك وكذلك للتقليل من هذه الأفكار الوسواسية سوف أصف لك أحد العقاقير التي يعرف عنها أنها فعالة في هذا المجال، الدواء يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac) ويعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة (عشرين مليجراماً) في اليوم، يفضل تناولها بعد الأكل، استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خففي الجرعة إلى كبسولة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أرجو أن تطبقي الإرشادات السابقة وسوف تجدين إن شاء الله أنك حقّرت هذه الأفكار الوسواسية، وبدأ لديك الفكر الإيجابي يتنامى، وختاماً نشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

وبالله التوفيق.
=========

انتهت إجابة المستشار النفسي د. محمد عبد العليم، ولإتمام الفائدة واكتمال الجواب تم عرض استشارتك على المستشار الشرعي د. أحمد الفرجابي، فأجاب قائلاً:

إن عليك أن تنظري إلى من هم أقل منك ولا تنظري إلى من هم فوقك، فإن ذلك سوف يحملك على شكر نعم الله عليك، ونعم الله مقسمة بين عباده فهذه تعطى زوجاً وهذه تفوز بالعافية وهذه تعطى الزوج والولد وتحرم المال والعافية، والسعيدة هي التي تعرف نعم الله عليها ثم تؤدي شكرها فتنال بشكرها المزيد.

اعلمي أنه لا يخلو بيت أو إنسان من أزمات ومشاكل، ولكن الفرق في طريقة التعاطي والتعامل مع الأزمات، وإذا نظر الإنسان في مصائب الناس هانت عليه مصيبته.

أنت ولله الحمد صغيرة وفي نعم فتوجهي إلى الله بالدعاء، واشغلي نفسك بطاعته وتقواه فإنه سبحانه وعد من يتقيه بتيسير الأمور فقال: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ))[الطلاق:4] ووعدهم بسعة الرزق وبالنجاة من الأزمات فقال سبحانه: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:3]، كما أرجو أن تبتعدي عن مقارنة نفسك مع الآخرين فإنك لا تعرفين إلا الظاهر من أحوالهم وهذه الدنيا هي دار الأكدار والأقذار، والله سبحانه لم يرضها ثواباً لأوليائه لأنها لا تزن عنده جناح بعوضة، ولو كانت كذلك لما سقى الكافر منها جرعة ماء.

إذا رضيت المسلمة بما قدره الله سعدت سعادة لا حدود لها، والرضا بالقضاء والقدر من أركان الإيمان، وعجباً لأمر المؤمنة إن أمرها كله لها خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمنة، إن أصابتها سراء شكرت فكان خيراً لها وإن أصابتها ضراء صبرت فكان خيراً لها، والمؤمنة لا تقول: لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكنها تقول: قدر الله وما شاء الله فعل، ثم تمضي إلى الأمام وتنتظر من ربها التوفيق والسداد.

هذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وأرجو أن تشغلي نفسك بالخير قبل أن تشغلك نفسك بالباطل والسوء والسلبية، وتجنبي الوحدة فإن الشيطان مع الواحد وتذكري أن الشيطان عدو وأن هم هذا العدو هو أن يحزن الذين آمنوا، ونسأل الله لك التوفيق.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً