الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القيام بالطاعات من توفيق الله وفضله

السؤال

عندما أفعل أي طاعة أقول أنا بإرادتي فعلتها ولكن الله وفقني وأعانني عليها هل هذا إعجاب بنفسي وهل تحبط أعمالي لأني أشرك نفسي مع الله وإذا كان يحبط العمل أو لسنا مخيرين بالمعصية والطاعة .
أرجوكم أنقذوني لأني محبط وأحس أنه لا يقبل مني طاعة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من مراتب الإيمان بالقضاء والقدر الإيمان بالمشيئة: أي أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن ليس في السموات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئته سبحانه، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد، والإيمان بالخلق والتكوين، أي أن الله خالق كل شيء، ومن ذلك أفعال العباد، كما دلت على ذلك النصوص.

فكل ما يفعله الإنسان من أعمال إنما يكون بمشيئة الله تعالى وإرادته، قال الله تعالى: وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا {الإنسان:30}، كما أن جميع أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، قال الله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ {الصافات:96}.

كما أن للعبد اختيار ومشيئة فما يفعله العبد من الطاعات أو المعاصي يفعله العبد بمشيئته، وقد أعطى الله تعالى العبد الإرادة والمقدرة على التمييز بين النافع والضار فهو يختار منهما ما شاء، وسيحاسب على اختياره ذلك، فعليه أن يعمل بطاعة الله تعالى ويترك معصيته، وعليه كذلك أن يأخذ بالأسباب ويسعى في مصالحه الدنيوية والأخروية ويتوكل على الله عز وجل في ذلك كله.

فللعبد إرادة ومشيئة ولكنها معلقة بإرادة الله تعالى ومشيئته، قال الله تعالى: وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا {الأعراف:43}.

ويمكنك مراجعة ذلك في الفتاوى الآتية أرقامها: 4054، 60787، 67357، 97066.

فإذا علمت هذا فالأولى لك ألا تقول إنك فعلت هذه الطاعة بإرادتك ولكن تواضع لله تعالى وانسب الفضل إليه واعلم بأنك بحاجة لتوفيق الله لك وإعانته لك على الطاعة، واحذر من أن يقودك ذلك للإعجاب بنفسك، والإعجاب هو أن يرى الإنسان عمله فيعجب به ويستعظمه ويستكثره، فينبغي لك أن تحمد الله تعالى الذي وفقك للقيام بهذه الطاعات، وتسأله سبحانه وتعالى أن يزيدك منها ويثبتك عليها، وعليك أن تجاهد نفسك على اجتناب الإعجاب، ولكن لا حرج عليك في أن تسر وتفرح بطاعتك لله تعالى، نقل ابن مفلح في الآداب عن ابن عقيل قال: الإعجاب ليس بالفرح، والفرح لا يقدح في الطاعات لأنها مسرة النفس بطاعة الرب عز وجل، ومثل ذلك مما أسر العقلاء، وأبهج الفضلاء. اهـ .

ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 6802، 56410، 59313.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني