الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استيضاحات حول فتوى سابقة عن الزكاة

السؤال

وصلنا الرد على الفتوى رقـم الفتوى : 127718.
وعنوان الفتوى: زكاة مؤخر الصداق، وهل يزكى أثاث شقة الزوجية؟.
وتاريخ الفتوى :20 شوال 1430 / 10-10-2009 .
هل من الممكن أن تشرح لنا ـ جزاك الله خير الجزاء ـ الآتى: الذى ورد فى الرد على الفتوى؟.
1ـ ورد فى الفتوى الآتى: فقبل الجواب نلفت انتباه السائل إلى أنه ليس للمرء أن يحدد يوما يختاره بنفسه ليعتبره يوم الحول.
السبب فى ذلك أنه مثلا: فى شهر صفر أكمل المسلم نصابا إلا أنه فى ربيع الثانى صرف فقل عن النصاب وهكذا تردد المال بين زيادة عن النصاب ونقص عنه خلال عام هجرى، فسألنا فأفتونا: اختر أى يوم من كل عام هجرى وزكي مالك كله فيه وزكي عاما واحدا زيادة احتياط عن العام الذى زاد ونقص المال فيه عن النصاب ـ أى تردد ـ وهذا اليوم ثابت في كل عام تخرج زكاة ما معك إذا زاد على النصاب وهكذا.
أفتونا فمنذ سنوات طوال وعملنا هكذا وهو ما نعمله الآن ونرجو من فضيلتكم التنبه على خطإ ذلك، فما هو الصحيح؟ وماذا يجب دفعه الآن حتى تبرأ الذمة؟.
2- الزوجة ترفض تزكية مؤخر الصداق بحجة أنه مال لا تملكه، وما تملكه: هو راتبها ـ ولا يكاد يكفيها ـ وليس المؤخر معها حتى تستثمره وإذا زكته نقص مالها وهى لا تملك أصلا المؤخر، فما الحل؟ ونريد نصيحة من قال لها لا تجب عليك الزكاة فيه، لأنه ليس بحوزتك؟.
3ـ لم نفهم ما ذكرته فى العبارة من أنه إن كان عنده عرض للقنية لا يحتاج إليه جعله في مقابل الدين وزكى ماله، وإن لم يكن عنده عرض لا يحتاج إليه، فإنه يخصم الدين من الزكاة.
من فضلك اشرح ـ للعوام مثلنا ـ هذه العبارة، وبين حكم زكاة الزوج كل عام ماله وفيه مؤخر الصداق باعتبار أنه ضمن ماله حتى يحين الوقت لتتسلمه الزوجة:
لم نفهم أبدا الرد على هذه الجزئية: فحتى يكون السؤال واضحا فالزوج يزكى كل عام ماله، وبالتالى مؤخر الصداق يزكى من قبل الزوج مرة واحدة كل عام، باعتبار أنه ـ أي الزوج ـ حائز مؤخر الصداق، فهل يكفى ذلك؟ أم مؤخر الصداق تجب زكاته كل عام مرة أخرى من قبل الزوجة؟ فالزوج يملك 10000 وهي تزيد على النصاب فقسم 10000على 40 وأخرج زكاة 250 عن مؤخر الصداق 4000 ، والزوج حائز لهذا المال ـ إذن ـ فمال الزوج 6000، والمؤخر 4000 ، لكنه كله عند الزوج أى 10000، وبالتالى هو أخرج 250، فهل يكفى هذا؟ أم في كل عام تجب زكاة أخرى عن 4000 ؟ أى 100 أخرى؟ ومن يخرجها؟ هل الزوج أو الزوجة؟ وإذا رفضت الزوجة إخراجها وأخرج الزوج 250+100 ، فهل تبرأ ذمتهما؟ حيث لا حيلة للزوج غير أن يخرج زكاة المؤخر أمام تعنت زوجته.
أرجو أن يكون الرد يخاطب عوام الناس وبعضهم غير متعلمين فنرجو شرح مستفيضا يسير الفهم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فشكر الله لك حرصك على طلب العلم، ثم بالنسبة للمسألة الأولى وهي ما ذكرناه من أن المسلم ليس له أن يحدد يوما يجعله وقتا للزكاة، بمجرد التشهي، فهذا صحيح، لأن الزكاة إنما تجب عند حولان الحول الهجري على المال الذي بلغ نصابا، وإذا نقص المال عن النصاب قبل أن يحول عليه الحول، فإن الحول ينقطع بذلك، فإذا عاد المال فبلغ النصاب مرة ثانية بدأ المسلم في عد حول جديد من تاريخ بلوغ المال النصاب في المرة الثانية وهذا بالنسبة لغير مال التجارة، وأما مال التجارة فإن حوله إذا تقرر فإن نقصه عن النصاب أثناء الحول لا يبطله إلا أن يحول عليه الحول وهو ناقص، وإذا انقطع الحول فإن الزكاة من تاريخ بلوغ المال النصاب في المرة الثانية ولا تلزم حتى يحول الحول والمال مكتمل لم ينقص عن النصاب في أثناء الحول، وأما ما أفتاك به المفتون فلم يتبين لنا وجهه كما بينا لك، ولا يلزمك ـ إن شاء الله ـ دفع شيء، لأن الظاهر أنك دفعت زكاة مالك وزيادة.

وأما بالنسبة للمسألة الثانية وهي زكاة مؤخر الصداق ورفض الزوجة إخراجها، فقد بينا لك في الفتوى السابقة أن الزوجة لا يلزمها إخراج زكاة مؤخر الصداق إذا كان بيد زوجها، وإنما تجب عليها زكاته إذا قبضته فتزكيه لما مضى من السنين، وراجع الفتاوى التي أحلناك عليها في الفتوى السابقة.

وأما بالنسبة للمسألة الثالثة وهي معنى ما ذكرناه من أن الزوج إن كان عنده عرض للقنية يستغني عنه فإنه يجعله في مقابل الدين، فبيانه أن الزوج إن كان يملك بيتا لا يحتاج لسكناه أو سيارة لا يحتاجها للركوب أو أثاثا زائدا على حاجته ونحو ذلك، فإنه يحسب قيمة هذا العرض الذي يملكه ولا يحتاج إليه ويجعلها في مقابل ما عليه من الدين، أي إنه يقدر أنه قضى دينه بهذه العروض التي لا يحتاج إليها، ويزكي جميع ماله، فمثلا إن كان عليه عشرة آلاف وهذه العروض التي لا يحتاج إليها تساوي عشرة آلاف، فإنه في هذه الحالة يزكي جميع ماله ولا يخصم الدين من الزكاة، وإن لم يكن عنده من العروض ما يستغني عنه فإنه يخصم الدين من الزكاة، وبهذا البيان تعلم حكم زكاة الزوج الدين الذي عليه لزوجته وهو على هذا التفصيل، فإن كان عنده ما يستغني عنه من المقتنيات كسيارة أو أثاث زائد على الحاجة أو نحو ذلك فإنه يزكي جميع ماله بما في ذلك الدين الذي عليه لزوجته، وإن لم يكن عنده من المقتنيات ما يستغني عنه خصم الدين من مال الزكاة وزكى ما بقي، ولا بد من أن تعلم أن هذا المال الذي هو مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج، والمال الموجود في يده هو ماله، فهل يزكي جميع ماله أو يخصم منه الدين الذي عليه؟ قد بينا لك بوضوح ما يجب عليه فعله، وهو في الحالة التي يجب عليه فيها زكاة جميع ما بيده وعدم خصم الدين من المال المزكى، فإذا زكى جميع ماله لم يكن بذلك قد زكى مؤخر الصداق، لأن مؤخر الصداق دين في ذمته، وهو يزكي ما يملكه من المال، فتدبر هذا فإنه واضح وبهذا يزول الإشكال ـ بحمد الله.

أما الزوجة فإنها إذا قبضت مؤخر الصداق فإنها تزكيه لما مضى من السنين كما بينا، ولا يشكل عليك أن هذا المال ـ الذي هو مؤخر الصداق ـ تكون قد أخرجت زكاته مرتين: مرة على الزوج، ومرة على الزوجة، لأن كل واحد منهما يزكي ماله، وإذا أرادوا الخروج من هذا فليؤد الزوج مؤخر المهر لزوجته وسيسلم من زكاته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني