السؤال
هذا موضوع لم أجد له جوابا بسبب ضغوطات على بعض الشيوخ، موضوع يتعلق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين في تونس ويحير كثيرا من الناس واختلفوا فيه: هناك قانون عند الزواج يخيرالزوجين اختيار نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين بحيث إن كل ما يملكه أحد الزوجين يتقاسمانه بالنصف وهو نوعان: 1) عقد اشتراك عادي يشمل كل العقارات والمنقولات المكتسبة بعد الزواج أو بعد إبرام عقد الاشتراك ما لم تؤل ملكيتها إلى أحدهما بوجه الإرث أو الهبة أو الوصية. 2) عقد اشتراك موسع شامل لجميع عقاراتهما، بما فيها تلك المكتسبة ملكيتها قبل الزواج وتلك المتأتية ملكيتها من هبة أو إرث أو وصية.السؤال: هل هذان النوعان من العقود جائز شرعا؟ وهل إن النوع الموسع ليس فيه جور على حقوق الورثة و ما هو الاصل في الشرع الاسلامي ؟وبإمكانكم وجود نسخة من القانون علي الإنترنت : قانون عدد 94 لسنة 1998 مؤرخ في 9 نوفمبر 1998 يتعلق بنظام الاشتراك في الاملاك بين الزوجين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في الشرع أن العاقل البالغ الرشيد له أهلية التصرف في ماله بأي وجه كان، من بيع أو شركة أو هبة أو غير ذلك. وعليه؛ فإن كان لكلا الزوجين أهلية التصرف فاتفقا طواعية على الاشتراك في أملاكهما الحاضرة فلا حرج في ذلك؛ لأن ذلك لا يعدو كون كل منهما وهب للآخر نصف ممتلكاته.
ومما اطلعنا عليه في ما يتعلق بهذا النظام أنه لا يمس بقواعد الإرث، ولا يدخل المهر في الأملاك المشتركة، وتبقى خاصة بالزوجية، وفي حالة انتهاء الزواج سواء بموجب الطلاق أو الوفاة فإن الاشتراك في الأملاك تبعا لذلك ينتهي.
فإن كان الحال كذلك فليس هناك جور على حقوق الورثة من قريب أو من بعيد، لأن هذه الشراكة تنتهي بالموت. ولكن الإشكال في هذه الحال أن الاشتراك في الأملاك لا يقتصر على الموجود بالفعل، بل يتعدى إلى ما سيوجد في المستقبل، وهذا باطل عند جمهور الفقهاء.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يشترط في الشيء الموهوب أن يكون موجودا حين الهبة، وبناء عليه لا يصح هبة ما ليس موجودا وقت العقد، كما لو وهبه ما يثمر نخله هذا العام، أو ما تلد أغنامه هذه السنة ونحوه ... وبناء على ما تقدم فإن هبة المعدوم والمجهول لا تجوز، لأن الهبة تمليك، وتمليك المعدوم والمجهول لا يجوز، فيقع العقد باطلا. اهـ.
وأما إن كان هذا النظام يسري في حال الموت أو الطلاق، فلا يخفى أنه مع ما تقدم قد يؤدي إلى الجور على حقوق الورثة في حال موت أحد الزوجين، أو الجور على حقوق أحد الزوجين في حال الطلاق.
ثم ننبه على أن أصل هذا القانون المستورد من النصارى، يقوم أساسا على مبدأ باطل شرعا، وهو: أبدية الحياة الزوجية. وقد نقلت صحيفة (القبس) الكويتية، عن دار الإفتاء المصرية قولها: هذه معاملة حديثة وعقد جديد، بدأ في الانتشار والانتقال إلى المجتمع الإسلامي من تعاملات غير المسلمين القائمة على مبدأ ديني يقوم عندهم على أساس هو أبدية الحياة الزوجية، وأنها لا تنفك إلا بالموت، وعدم إمكان الطلاق دينياً، وأن الطلاق المدني يتقاسم فيه المطلق مع مطلقته أملاك كلّ، وان الجانب الأكبر من ميراث الزوج يكون للزوجة، وبالعكس، فهي نتاج منظومة خاصة. ومع اتصال العالم بعضه ببعض وتأثر أقصاه بأقصاه في ظل العولمة والتقنيات الحديثة بدأ المجتمع الإسلامي يتأثر بهذه النتاجات الإنسانية. ولا نستطيع أن نجعل هذا العقد مستظلا بأصل فقهي من الأصول الموروثة، ولا أن نرجعه إلى عقد من العقود المسماة في الفقه الإسلامي: لا إلى الشركة ولا إلى الهبة ولا إلى الوكالة، ولا غير ذلك ... اهـ.
وما دام هذا النظام يجعله القانون في البلد المذكور اختياريا لا إلزاميا، فلا بد من رفضه وعدم قبوله. وحسبنا ما شرعه الإسلام من قواعد وأحكام وآداب لاستقرار الحياة الزوجية.
والله أعلم.