السؤال
ما حكم الرجل الذي يترك زوجته وأولاده دون مصروف، لأنه يعمل في بلد آخر من أسبوع إلى أسبوع وعندما يأتي يعلم أولاده كره أمهم ويرسلها لبيت أهلها دون نفقة؟ وهي لا تعرف ماذا تفعل؟ ولا يسمح لها بالعمل لإطعام أطفالها.
نرجو النصيحة الشرعية في ذلك.
ما حكم الرجل الذي يترك زوجته وأولاده دون مصروف، لأنه يعمل في بلد آخر من أسبوع إلى أسبوع وعندما يأتي يعلم أولاده كره أمهم ويرسلها لبيت أهلها دون نفقة؟ وهي لا تعرف ماذا تفعل؟ ولا يسمح لها بالعمل لإطعام أطفالها.
نرجو النصيحة الشرعية في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما تظاهرت عليه الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع: هو وجوب نفقة الزوجات على الأزواج، والأولاد على الأباء، يقول الله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:233}.
ويقول تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ {الطلاق:7}.
وروى البخاري: أن هند بنت عتبه قالت يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال عليه الصلاة والسلام: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وقد أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها ـ إذا كانا بالغين ولم تكن الزوجة ناشزا ـ وعلى أولاده الأطفال الذين لا مال لهم، يقول ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه العلم: أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.
وعليه، فإن من يترك زوجته وأولاده بلا نفقه ـ مع غناه ويساره ـ فإنه يكون آثما ظالما مضيعا لما أوجبه الله عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو دواد وغيره، وحسنه الألباني.
ويجوز للزوجة أن تأخذ من ماله ـ ولو بغير علمه ـ ما يكفيها وولدها بالمعروف، كما دل على ذلك حديث هند السابق، فإن لم يتيسر لها ذلك فلترفع أمرها للقضاء ليجبره القاضي على النفقة.
وما دام الزوج لا ينفق على زوجته، فإنه لا يحق له أن يمنعها من العمل جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع عند الحديث عن عجز الزوج عن النفقة: ولكن لا يمنعها من التكسب، لأنه إذا كان ينفق عليها فله الحق أن يمنعها من التكسب، فإذا كان لا ينفق فليرخص لها في التكسب. انتهى.
أما تحريض هذا الرجل لأولاده على عقوق أمهم وبغضها: فهذا محرم، لأن حق الأم على أولادها عظيم، فكان عليه أن يأمر أولاده بحب أمهم وبرها لا أن يحرضهم على بغضها فيكون من الذين يأمرون بالمنكر، وهذه صفة المنافقين الذين ذكر الله من حالهم أنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، فقال سبحانه: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ {التوبة:67}.
فعلى هذا الرجل أن يسارع بالتوبة إلى الله جلا وعلا وأن يقلع عما يفعله من ظلم لزوجته وأولاده، فإن عاقبة الظلم وخيمة في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني