الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا مانع من التفاهم بين الزوجين في تدبير النفقات والمصاريف بأسلوب حكيم

السؤال

لدي سؤال:هل من حقوق المرأة شرعا أن يوضح لها زوجها فيما ينفق ماله؟
أنا متزوج ولي طفلان وأنا أحاول تقوى الله في أعمالي وأسرتي، مشكلتي أنني أختلف وزوجتي كثيرا بسبب نفقاتي الشخصية، مع أنني غير مسرف وأعلمها بما اشتريه من ملابس آو متعلقات شخصية مثل كتب أو لوازم كمبيوتر، كما أنني لا أدخن ولا أسهر مع الأصدقاء لأننا في غربة. فهل من حقها أن تسألني مثلا فيم أنفقت نقودك؟ أو لقد كان معك منذ يومين مبلغ كذا أين ذهب؟ دائماً أختلف معها حينما نناقش المصروف وتجد مبلغا ناقصا لا أتذكر فيما أنفقته، ومشكلتي أنني لم أتعود على تذكر كل التفاصيل لأن أغلبها نفقات للمنزل وأنا من يشتريها وحينما أفشل في التذكر أو أرفض المحاسبة تغضب وأحيانا تخاصمني لفترة ثم نصطلح ( مع العلم أنها لا تطيق معاشرتي وهي غاضبة مني) ولكن يتكرر ذلك مرات ومرات، أحيانا أرضخ لعملية المحاسبة القاسية وأحيانا أرفض تدقيقها وهي تقول إن هذا من حقوقها شرعاً، ولكنني لم أعلم عن السلف مثل هذا، لقد قلت لها إن هذا يضايقني فتسكت فترة ولكن تعود مرة أخرى.
نحن من مصر ونعيش في السعودية في مسكن مؤجر وهو جيد ومؤثث وبه كافة الكماليات، وليس لي سكن مؤثث في بلدي وهي ترجع سبب مطالباتها هذه أنها تريد مسكنا في بلدنا مصر نعود له في الإجازات ويحمينا من غدرات الزمان، هي تقول لي: جهز لي شقة في مصر ولو بالإيجار وافرشها وأنا لن أحاسبك بعد ذلك، هي لا تحب أن تمسك مصروف البيت وأنا من يشتري طلبات المنزل اليومية ويتكرر خلافنا مرات ومرات، طلبت منها أن تمسك دفتر لكتابة المصاريف ولكنها ترفض، أحس أنني تلميذ يحاسب كل فترة على ما ينفقه من ماله، أنا لست بخيلا ولا أضيق على أسرتي، نحن نخرج للتنزه مرة أسبوعيا على الأقل وأريحها من إعداد الطعام ونأكل من المطعم مرة أو مرتين أسبوعيا أيضا، ونشتري معا كل شيء ملابس، عطور، لعب أطفالنا ، اكسسوار لها.
فهل ليس من حقي أن أحتفظ بتفاصيل نفقاتي فأرد مجاملة زميل بهدية أو أعزم أصدقائي على الإفطار في حدود معقولة ؟
هي إنسانة طيبة وباعت قطع ذهبها لنسدد بعض النفقات الطارئة مثل عدة عمليات لطفلنا -شفاه الله- وأنا أنوي شراء الذهب لها عند ما يأتيني المال ولكن هذا الخلاف لا أعرف له علاجا.
هذه مشكلتي فبماذا تنصحني وتنصحها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حقّ البالغ الرشيد أن يتصرف في ماله في حدود ما أباحه الله، وليس من حقّ زوجته عليه أن يخبرها بما يملكه من المال أو بما ينفق فيه ماله، بل من حق الزوجة البالغة الرشيدة أن تتصرف في مالها الخاص دون إذن زوجها ، كما بيناه في الفتوى رقم: 76751.

وعلى ذلك فليس من حقّ زوجتك أن تطالبك بإخبارها بكل ما تنفقه من مالك، وإنما حقها عليك أن تنفق عليها بالمعروف، ومن النفقة بالمعروف أن توفر لها مسكناً مستقلاً مناسباً لا تتعرض فيه لضرر، وانظر الفتوى رقم: 28860.

وهذا المسكن الذي يجب عليك ليس بالضرورة أن يكون ملكاً لك وإنما يمكن أن يكون بأجرة أو استعارة. قال الشربيني (الشافعي): ( ولا يشترط ) في المسكن ( كونه ملكه ) قطعا بل يجوز إسكانها في موقوف ومستأجر ومستعار. مغني المحتاج.

وعلى ذلك فما دمت توفر لها مسكناً مناسباً في بلد إقامتك الحالي فقد وفيت لها حقها في السكن وليس لها مطالبتك بمسكن في بلدك الأصلي، ثم إذا رجعت إلى بلدك الأصلي فعليك أن توفر لها مسكناً مستقلاً مناسباً.

والذي ننصح به زوجتك أن تحسن عشرتك ولا تضيق عليك بكثرة السؤال عن أوجه إنفاقك، ولتحذر من مغاضبتك وهجرانك دون مسوّغ فإن حق الزوج على زوجته عظيم، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ. متفق عليه. ولا مانع من التفاهم في شأن تدبير النفقات وتوفير مسكن ببلدكم بأسلوب رقيق وكلام طيب.

وننصحك بمعاشرة زوجتك بالمعروف والتغاضي عما يبدر منها من هفوات، ما دمت قد ذكرت عنها خيراً، ولا مانع من إخبارها بنفقاتك ومبادلتها الرأي في ذلك على سبيل التواد والتراحم، كما ينبغي لك أن تتوسط في نفقاتك وتدخر بعض المال لما تحتاجه من توفير مسكن ببلدك أو غير ذلك من المصالح.

ونوصيك بالتعاون مع زوجتك على طاعة الله وإقامة حدوده، وننبهك إلى أنه ينبغي تجنب عبارة غدرات الزمان، فإن الزمن هو الدهر وقد نهى الشرع عن سبه. وراجع في ذلك فتوانا رقم: 100933.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني