الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القرآن الكريم جاء مصدقا للكتب السابقة ومهيمنا عليها

السؤال

أعاني من الوساوس حتى أنها تأتيني في ديني، وكنت أقطعها بتذكر معجزة واحدة من إعجاز القرآن عن مراحل خلق الإنسان وكيف أكدها العلم، وأنه ﻻ يعقل للرسول أن يعرف هذا إﻻ من عند الله - وكنت أقطعها بهذا ولكن الآن تأتينى وساوس بأنه ممكن تكون هذه المعجزة موجودة فى الكتب السابقة. أريد صرف هذه الشبهة وكيف أقضي على هذه الوساوس حيث بدأت أشعر أني أنا من يختلقها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه على افتراض وجود المعجزة التي يعنيها السائل في الكتب السابقة، فإن هذا غير مشكل، حيث إن القرآن الكريم جاء مصدقا للكتب السابقة ومهيمنا عليها، كما قال تعالى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ* مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ {آل عمران:3،4}

وقال سبحانه: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ {المائدة: 48}

قال السعدي: (مصدقا لما بين يديه من الكتاب) لأنه شهد لها ووافقها، وطابقت أخباره أخبارها، وشرائعه الكبار شرائعها، وأخبرت به، فصار وجوده مصداقا لخبرها (ومهيمنا عليه) أي: مشتملا على ما اشتملت عليه الكتب السابقة وزيادة في المطالب الإلهية والأخلاق النفسية. فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب فأمر به، وحث عليه، وأكثر من الطرق الموصلة إليه. وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين، وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، فما شهد له بالصدق فهو المقبول، وما شهد له بالرد فهو مردود قد دخله التحريف والتبديل، وإلا فلو كان من عند الله لم يخالفه. هـ.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فأبواب إعجاز القرآن في غاية الكثرة والتنوع والتعدد، ولا تقف عند حد مع تطور العلوم والاكتشافات، مما يزيد المؤمن يقينا أن هذا القرآن هو كلام الله حقا وصدقا، ولا يمكن أن يكون من عند غيره: وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ {يونس: 37}

وهذا الأمر يتطلب من السائل الكريم زيادة اطلاع على الكتب الموثوقة المنضبطة في مجال الإعجاز العلمي سواء في القرآن أو في السنة، وقد كثرت ـ بحمد الله ـ الكتب والمواقع الألكترونية المتخصصة في هذا المجال. ومن يطالعها لا يعتريه أدنى شك في كون القرآن كلام الله تعالى. وأن النبي صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله حقا، وأنه ما نطق بذلك إلا بوحي من الله سبحانه.

وأما ما يحصل بعد ذلك من شك طارئ عارض غير مستقر، فله حكم الوسوسة التي لا تؤثر على الإيمان، بل وجودها علامة على الإيمان، ما دام العبد لا يقبل ذلك بل يدفعه بما عنده من علم وإيمان. وقد سبقت لنا كثير من الفتاوى عن الأدلة المتلوة والمرئية على وجود الله جل جلاله، والرد على الشاك في وجوده، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 75468، 48913، 22055، 22279، 100160، 52377، 33504، 35673، 46174.

كما سبق أن بينا أدلة حصول التحريف في التوراة والإنجيل، وأدلة ثبوت صحة القرآن، في الفتويين: 29326 ، 9732. ونرجو الاطلاع كذلك على الفتوى رقم: 74500.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني