الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يسقط حق المؤجر إذا قال في لحظة غضب لا أريد الإيجار

السؤال

اشتريت مع أخي محلا جديدا مناصفة وشراكة، واقترح أخي تأجيره لأخي زوجته على أن يعطيني إيجار نصيبي وحدي مبلغ 500 جنيه، ونصيبه سيسامح نسيبه فيه كهدية، ومرت مدة، وبعد ذلك أخبرني أخي بأن نسيبه لن يستطيع الوفاء بالإيجار (نصيبى) لضعف حالة السوق. وعليه، طلبت منه مغادرة المحل لنؤجره لزبون آخر، ولكن امتنع أخي، وقال إنه سيدفع لي 200 جنيه فقط، وعندما غضبت ووصل حد الغضب للشجار مع أخي، فانفعلت لحظتها، وقلت له بصياح (أنا مش عايز إيجار) وكانت نيتي وقتها أنه سيأتي ويصالحنى عندما تهدأ الأمور!! ويعطينى ما سبق أن اتفقنا عليه أول المدة. وتأجل ونام الإيجار سنوات، وبعدها طالبت أخي بسداد نسيبه الإيجار لي، فرد وقال لي إني ليس من حقى طلب الإيجار لأني تفوهت وقلت له (أنا مش عايز إيجار) وعليه.. لن يدفع نسيبه ولا هو كضامن الإيجار لأني رفضته فى السابق، فهل أعتبر ليس لي حق فى الإيجار، لأني تفوهت ساعة الغضب والضيق والشجار وقلت له من وراء قلبي إني لا أريد إيجار، أتمنى الرد وجزيتم خيراً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى أن الأصل هو أن إسقاط المرء لحقه يفوت عليه ذلك الحق، فلا يصح الرجوع فيه بعد ذلك، للقاعدة الفقهية المشهورة (الساقط لا يعود)، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 125568.

ولكن هناك أصل آخر لا بد من اعتباره في ذلك وهو طيب نفس المسقط لحقه واختياره، فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في أيام التشريق فقال: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه.. ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وحسنه الألباني.

ومن تطبيقات ذلك ما نص عليه الفقهاء وحكوا عليه الإجماع من أن من أخذ منه شيء على سبيل الحياء من غير رضا منه بذلك، لا يملكه الآخذ، وعللوه بأن فيه إكراهاً بسيف الحياء، فهو كالإكراه بالسيف الحسي، وقد سبق إيضاح ذلك في الفتوى رقم: 133268، والفتوى رقم: 5277.

كما يجب كذلك مراعاة دلالة الحال ودلالة العرف على ما يتخاطب به الناس، ومن ذلك العبارة التي ذكرها السائل (أنا مش عايز إيجار) فإن كانت قرائن الحال التي ذكرت فيها إنما تدل على غضب قائلها واستنكاره لتأخر حقه، لا على إرادة حقيقة الكلام فلا بد من مراعاة ذلك، ولا سيما عند اشتهار ذلك عرفاً، وإذا كان كذلك فحق السائل في المطالبة بنصيبه من الإيجار لا يزال قائماً، بخلاف ما لو أسقط حقه عن اختيار ورضا فليس له الرجوع فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني