السؤال
أرغب في شراء سيارة بنظام التقسيط (إيجار منتهٍ بالتمليك)، حيث تنصّ هذه العقود على دفع قسط شهري مقابل استخدام السيارة؛ فمثلًا: (1000 ريال شهريًّا). وفي نهاية العقد تُدفع دفعة أخيرة، تكون غالبًا بنسبة تقارب 40٪ من قيمة السيارة.
السؤال: إذا دخلتُ في هذا العقد بنيّةٍ مسبقة بعدم إكماله كامل المدة، بحيث أستخدم السيارة لمدة سنة أو سنتين فقط من أصل خمس سنوات، ثم أتركها وأسافر أو نحو ذلك، دون الاستمرار في دفع بقية الأقساط أو الدفعة الأخيرة؛ فهل يُعدّ هذا جائزًا شرعًا؟ مع العلم أن الشركات أو البنوك غالبًا ما تفرض غرامة مالية على المستأجر في حال رغب في عدم إكمال العقد، وتقوم بسحب السيارة وتقدير قيمتها، ثم فرض غرامة معينة على المستأجر.
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه على أن عقود الإجارة المنتهية بالتمليك لها صور صحيحة جائزة، وأخرى فاسدة محرّمة، وقد صدر في تفصيل ذلك قرار من مجمع الفقه الإسلامي، سبق نقله في الفتوى: 308386.
ومنها تعلم أن من ضوابط الجواز أن تكون الإجارة فعلية، وليست ساترة للبيع، وتطبق أحكامها طوال مدة الإجارة، فيكون ضمانها على المالك المؤجر، لا على المستأجر، إلا في حال تعديه أو تفريطه.
وإذا اشتمل العقد على تأمين يتحمله المالك وليس المستأجر. ولا يطبق شيء من أحكام البيع إلا عند تملك السيارة.
وعلى ذلك؛ فلو كانت الصورة التي يسأل عنها السائل من الصور الصحيحة شرعًا، جاز للسائل الدخول فيه. وعندئذ يجب الالتزام ببنود العقد، ولا يصح الدخول فيه بنية عدم إكمال مدة عقد الإجارة، فإن الإجارة عقد ملزم طوال مدته، ولا يفسخ إلا بعذر شرعي، كالسفر العارض للمستأجر أثناء مدة الإجارة، لا السفر الذي ينويه المستأجر ويعزم عليه قبل الإجارة! وراجع في ذلك الفتوى: 301264.
جاء في المعيار الشرعي رقم: (9) من المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المتعلق بالإجارة المنتهية بالتمليك:
ـ إذا توقف المستأجر عن استخدام العين أو أعادها إلى المالك دون موافقته، فإن الأجرة تستمر عن المدة الباقية ...
ـ يجوز فسخ عقد الإجارة باتفاق الطرفين، ولا يحق لأحدهما فسخه إلا بالعذر الطارئ، كما يحق للمستأجر الفسخ بسبب العيب الحادث في العين المخل بالانتفاع، ويحق الفسخ بخيار الشرط لمن اشترطه خلال المدة. اهـ.
وأمّا فرض غرامة مالية على المستأجر في حال عدم إكمال العقد، فهذا لا يجوز إلا في حدود إخلاله بالعقد وما ترتب عليه من ضرر فعلي للمؤجر يستحق عليه عوضًا شرعيًا، ولا علاقة لذلك بقيمة السيارة نقصت أو زادت.
جاء في المعيار الشرعي السابق:
ـ لا يجوز اشتراط زيادة على الأجرة يستحقها المؤجر في حال التأخر في السداد.
ـ في حالة التنفيذ على الضمانات المقدمة من المستأجر، يحق للمؤجر أن يستوفي منها ما يتعلق بالأجرة المستحقة للفترات السابقة فقط، وليس له استيفاء جميع الأقساط الإيجارية، بما في ذلك الأقساط التي لم يحل أجلها، ولم يقابلها استخدام للمنفعة.
ويجوز له أن يستوفي من الضمانات كل التعويضات المشروعة الناتجة عن إخلال المستأجر بالعقد. اهـ.
ولكن يجوز أن يحصل ذلك بالاتفاق بين المؤجر والمستأجر حين الفسخ، على أن يتنازل المؤجر عن بقية مدة الإجارة نظير عوض يتراضى عليه الطرفان، كما جاء في المعيار رقم (54) المتعلق بفسخ العقود بالشرط: لا يجوز اشتراط العوض لفسخ العقد في عقد البيع، أما في العقود المستمرة إلى مدة متفق عليها، مثل الإجارة، والاستصناع، والحوالة، والمزارعة، والمغارسة، والوكالة، فإنه يجوز أن يتنازل أحد الطرفين عن المدة الباقية بعوض متفق عليه في حينه. اهـ.
والله أعلم.