الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سمعت من أحد الزملاء في العمل بأن أحد المهووسين بكرة القدم، وكان متعلقاً بفريق يسمى(الأهلى)، فقال زميلي إن فلاناً ــ أي المهووس بكرة القدم ــ قال ــ أستغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر الله، وناقل الكفر ليس بكافر ــ قال:- مفيش ربي؟؟ فيه الأهلي !!! وزميلي قالها بنغمة أو بطريقة فهمت أنا منه أن قائلها يقصد ـــ أستغفر الله ــ:- لو لم يكن الله تعالى !! لكان الأهلي !! وهذا كفر لاشك، وحدث أني ترددت في تكفيره في بداية الأمر، وقلت في نفسي إني قرأت أو سمعت من أن أحد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم سأل صحابياً آخر قائلاً : متى كان الله ؟!!! ، فرد الصحابي الآخر رضي الله تعالى عنه وأرضاه : ومتى لم يكن!! فقلت لعل في هذه القصة ما يشبه ما وقع فيه ذاك المجنون بكرة القدم ؛ ثم تسائلت : من قال إن الحوار بين الصحابيين حدث فعلاً ، فأين السند حتى أجزم بصحة ذلك ؟ ثم قلت حتى لو ثبت الحوار بين الصحابيين فإن الأمر يختلف ، فسؤال الصحابي يعتبر زلة لسان ، أما مقولة ذاك فهو يصرّح بأمر كفري. ثم عدلت عن الجزم بالحوار الذي دار بين الصحابيين، وقلت هذا يحتاج إلى سند صحيح ، واعتبرت المهووس بالكرة كافراً مرتداً عن الإسلام حتى لو يصلي ويصوم ويقول إنه مسلم مالم يندم على قوله.
ثم دار ببالي سؤال وهو : لو أن هذا المهووس بالكرة نسي أنه قال مقولته الكفرية تلك، ولكنه يصلي ويصوم ويرى نفسه أنه مسلم، فكيف نجمع بين النسيان وبين احتمال ندمه ؟!!
الخلاصة أني أعتبره الآن مرتداً عن الإسلام مادام لم يندم على مقولته.
ماهو تعليقكم على الفقرة السادسة ؟ ويأتيني سؤال وهو: ماذا عن الزميل الذي نقل إلي الكلمة الكفرية التي قالها المتعلق بكرة القدم. هل أسأله ما موقفه من قائلها أم لا يجب علي ذلك ؟ أقصد هل أسأله ما إذا كان قد اعتبره مرتداً أم لا ؟؟ أعرف أنه ليس واجباً علي ذلك ، لكن هواجس تطاردنى!!.
وسمعت ذات مرة من صهر ذاك المهووس أن الأخير قال ذات مرة ـــ أستغفر الله تعالى دائماً وأبداً ـــ : من دخل نادي الأهلي فهو آمن!! فهل هذه الكلمة تخرج من الملة؟
ما الفرق بين ماذكرتم فى الفتوى رقم: 134505 فيما يتعلق بالشك في الوقوع في الكفر وبين ما ورد في الفتوى: 138174 في قولكم :- ( وفي الفقه الإسلامي وأدلته : قيل إنه يكفر إذا علم أن قوله هذا مكفر).اهـ فهل تقصدون هنا من ظن أن قوله ( أو فعله ) كفر وفي الحقيقة هو محرم فقط فإنه يكفر لاختياره الكفر ؟!! أم تقصدون من ترجح عنده الكفر والمسألة فيها خلاف؟ لأنه إذا كان القول أو الفعل مكفراً بالاتفاق وقاله وهو يعلم أنه كفر وتوفرت الشروط وانتفت الموانع فهذا كافر بلا شك.
أرجو التوضيح وأرجو ألا أكون قد وقعت في زلة شنيعة بهذا السؤال. وأسئلة هذه الفقرة مرتبطة بالفقرة الثالثة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر بل المقطوع به من اطلاعنا على جميع أسئلتك أنك مصاب بوسواس شديد في هذا الباب، وننصحك بأن تقلع عن هذه الوساوس، وأن تطرح عنك ما يتعلق بها، ولست محاسبا عما يتكلم به الناس، ولا مسؤولا يوم القيامة عن أعمالهم، ففيم تشغل نفسك هذا الشغل الطويل، وتعنيها هذا العناء في أمر لست منه في ورد ولا صدر.

وأما هذه المقالة الأولى فلا شك في كونها ردة عن الإسلام، والواجب مناصحة قائلها ليتوب إلى الله تعالى من عظيم ما تفوه به، وباب التوبة مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، فإن كنت تعرفه فناصحه بلين ورفق وبين له أنه فاه بكلمة عظيمة شنيعة، وادعه إلى التوبة إلى الله تعالى، وإن لم تكن تعرفه فكلم من أخبرك بخبره في أن يناصحه ويبين له بلين ورفق، وبذلك تكون فعلت ما عليك، ولا يلزمك شيء وراء ذلك.

وأما صاحبك فلا تسأله عن شيء، ولا تفتش في حاله، وما إن كان اعتقد ردة صاحبه ذاك أو لا؛ لأنه لا يشرع امتحان عقائد الناس وناقل الكفر كما ذكرت ليس بكافر.

وأما العبارة الثانية فهي وإن كانت قبيحة لكنها لا تصل إلى حد الردة، إلا إن كان مقصود قائلها الاستهزاء بحديث النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما الفتويان المذكورتان فلا تعارض بينهما البتة، فإن كلا منهما في مسألة مختلفة عن الأخرى، والكلام المشار إليه في الفتوى الثانية متعلق بمن قال: يعلم الله كذا وهو كاذب، فإنه إن قصد الكذب ولم يقصد وصف الله عز وجل بالجهل والعياذ بالله كان آثما مذنبا، وأما إن قصد وصف الله تعالى بالجهل فهذا كفر والعياذ بالله كما هو موضح في تلك الفتوى، فهذا القول يلزم منه الكفر، ولكن لازم القول ليس بقول كما هو معلوم، فإن قصده وأراده لزمه ما قصده وإن لم يقصده فهو على الحكم المتقدم من كونه لا يكفر بمجرد ذلك اللفظ، ونختم بما بدأنا به من تحذيرك عن الوساوس والاسترسال معها فإنها أمرها خطير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني