السؤال
هناك عبارات تقال أريد الاستفسار عنها كالقول مثلا في إحدى الأناشيد: إذا سكت الزمان عن المظالم فقاوم ثم قاوم ثم قاوم. وأنا أعرف أن الزمان لا يفعل شيئا، لا بنفع ولا بضر لا بعدل ولا بظلم إنما المتصرف في ذلك الله عز وجل. فهل نسبة السكوت للزمان إما رضا بالظلم أو للعجز عن دفعه فيه ذم لله تعالى أم هي على سبيل المجاز وأنه قد شبه الزمان بإنسان يسكت عن الظلم؟
أيضا عبارة " كيد السنين " أخي إننا ما أسأنا الظنون بروح قوي وجسم طعين فماذا تروم لديك الخطوب وماذا يضيرك كيد السنين
هل قول كيد السنين جائز أم هو سب للدهر؟
أيضا ما نسب للإمام الشافعي: دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء. فهل يكون المعنى دع الله يفعل ما يشاء لأن الأيام لا تفعل شيئا؟
أيضا قال أحدهم في باب السخرية والتهكم على أحد الرؤساء قال في قصيدته: يحيا الرئيس للأبد يحيا هو الفرد الصمد له صفات ربنا ولكنه له ولد. فما قولكم فيه؟
وأخيرا أستغفر الله العظيم وأتوب إليه من كل قول وعمل فيه مخالفة في السر والعلن.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإضافة الفعل إلى الزمان، إنما هو من باب التجوز والتوسع في الكلام، ولا يراد به أن الزمان يدبر ويتصرف بنفسه، بل هو خلق مسخر بأمر الله تعالى. وكذلك هناك فرق كبير بين سب الدهر وبين وصفه، فالأول: يراد به العيب والعتب. والثاني: لا يراد به إلا البيان والخبر. وقد سبق لنا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 131297.
وإذا تبين هذا علم أن العبارتين الأوليين لا حرج فيهما.
وأما العبارة الثالث فليست من هذا الباب وقد يكون قائلها أراد التهكم بالطواغيت وأشياعهم ولكننا نرى أنها عبارة بشعة، بغض النظر عن مقصد قائلها، وصفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى يجب أن تصان عن مثل هذا.
ويحسن هنا أن نورد ما ذكره القاضي عياض في (الشفا): فصل: الوجه الخامس أن لا يقصد نقصا ولا يذكر عيبا ولا سبا، لكنه ينزع بذكر بعض أوصافه أو يستشهد ببعض أحواله صلى الله عليه وسلم الجائزة عليه في الدنيا على طريق ضرب المثل والحجة لنفسه أو لغيره، أو على التشبه به أو عند هضيمة نالته أو غضاضة لحقته ليس على طريق التأسي وطريق التحقيق بل على مقصد الترفيع لنفسه أو لغيره، أو على سبيل التمثيل وعدم التوقير لنبيه صلى الله عليه وسلم، أو قصد الهزل والتنذير بقوله.......... وغرضنا الآن الكلام في هذا الفصل الذي سقنا أمثلته فإن هذه كلها وإن لم تتضمن سبا ولا أضافت إلى الملائكة والأنبياء نقصا ....... ولا قصد قائلها إزراء وغضا فما وقر النبوة ولا عظم الرسالة ولا عزر حرمة الاصطفاء ولا عزز حظوة الكرامة حتى شبه من شبه في كرامة نالها أو معرة قصد الانتفاء منها، أو ضرب مثل لتطبيب مجلسه أو إغلاء في وصف لتحسين كلامه بمن عظم الله خطره وشرف قدره وألزم توقيره وبره، ونهى عن جهر القول له ورفع الصوت عنده. فحق هذا أن درئ عنه القتل الأدب والسجن وقوة تعزيزه بحسب شنعة مقاله ومقتضى قبح ما نطق به، ومألوف عادته لمثله أو ندوره أو قرينة كلامه أو ندمه على ما سبق منه، ولم يزل المتقدمون ينكرون مثل هذا ممن جاء به وقد أنكر الرشيد على أبي نواس قوله:
فإن يك باقي سحر فرعون فيكم * فإن عصا موسى بكف خصيب..انتهى.
وإذا كان ما ذكره القاضي عياض رحمه الله في جانب الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بجناب الله تعالى ؟؟!!!
والله أعلم.