الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع سب شخص لا وجود له

السؤال

هل يجوز أن أشتم أو أسب من لا وجود له، كأن يكون لي صديق وحيد لا أخ له فأشتم أخاه ممازحا إياه وهو يعلم أنه مزاح ولا يكون معارضا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد مدح الله عباده المؤمنين بأنهم يعرضون عن اللغو فقال: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {المؤمنون:3}.

قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله: وقوله: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ـ أَيْ عَنِ الْبَاطِلِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الشِّرْكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالْمَعَاصِي كَمَا قَالَهُ آخَرُونَ، وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً {الْفَرْقَانِ: 72} قَالَ قَتَادَةُ: أَتَاهُمْ وَاللَّهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا وقفهم عَنْ ذَلِكَ. انتهى.

وهذا مما لا ينفع من الأقوال فينبغي الإعراض عنه فإنه قد أتانا من أمر الله ما يشغلنا عن هذا، والمؤمن يعود لسانه طيب الأقوال وجميلها وينأى عن فاحشها وساقطها ومرذولها، فالسب من قبيح اللفظ فينزه عنه المسلم لسانه وإن لم يكن محرما لكونه سبا لمن لم يخلق أصلا، فعود لسانك الخير واشغله بما يعود عليك نفعه وقل خيرا أو اصمت كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بلغ من ورع العلماء ـ رحمهم الله ـ أن زجروا عن سب الحيوان والسخرية به وذلك ـ والعلم عند الله تعالى ـ لما قد يفضي إليه ذلك من تعويد اللسان ما لا يحمد من القول فيتساهل الشخص في استعمال مثل هذه الألفاظ ويقدم على سب من لا يجوز سبه، قال الزبيدي في شرح الإحياء: قال تاج الدِّين ـ أي السبكي: كنت جالساً بدهليز دارنا، فأقبل كلب فقلت: اخسأ كلْب بن كلب، فزجرني الوالد من داخل البيت، فقلت: أليس هو كلب بن كلب؟ قال: شرط الجواز عدم قصد التحقير فقلت: هذه فائدة. انتهى بواسطة نقل الشيخ بكر أبو زيد في معجم المناهي اللفظية.

وانظر الفتوى رقم: 99356.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني