الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حرمة الاحتيال على الأخت الشقيقة لحرمانها من مال أبيها

السؤال

حقيقة أود أولا شكركم على مجهوداتكم الكبيرة في مساعدة عامة المسلمين، وأهنئكم بحلول شهر رمضان الكريم، وكل عام وأنتم بخير: أنا ولد وحيد ومعي ثلاث بنات أنا أصغرهم، أبي كان يمتلك أموالا كثيرة وضيعها إلا الشيء البسيط منها وهو الآن في عمر 70 ولي أخت واحدة متزوجة منذ فترة كبيرة، وقد أضاع أبي عليها كثيرا من ماله، وهي أكثر شخص استفاد من مال أبي، ولسوء تصرف أبي بماله اتفقت أنا وأخواتي دون الثالثة الكبيرة أن يقوم أبي ببيع ما تبقى من أملاكه لي، وليس كثيرا، واتفقت معهما أن نصيبهما في هذا المال هو ما يكفي لزواجهما، وما يتبقى فهو لزواجي وأن أختي الكبيرة قد أخذت كل نصيبها في السابق، فهي متزوجة منذ زمن بعيد وأبي صرف عليها الكثير من ماله وكان يصرف عليها وهي متزوجة أيضا ولا حق لها في شيء الآن، فوافقتا على هذا ووافق أبي ورضي إلا أن المال المتبقى ضئيل لا يكاد يكفي تأمين مستقبلنا، فهل بهذا نكون قد ظلمنا أختنا الكبيرة؟ وهل أكون قد ظلمت أخواتي غير المتزوجات باعطائهن ما يكفي لزواجهن، مع موافقتهن على ذلك وبإرادتهن الكاملة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس من شك في أنه لم يكن لأبيكم أن يؤثر أختكم تلك عليكم ما لم يكن هناك مسوغ لتفضيلها كفقر أو حاجة، بل كان الواجب عليه التسوية بينها وبينكم، لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. أخرجه البخاري ومسلم.

وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 102839، 124400.

ومع هذا، فإنه لا يحق لكم الاحتيال لحرمانها من تركة أبيكم، ثم إن مال أبيكم يعتبر ملكا له ما دام على قيد الحياة ولو بلغ ما بلغ من العمر، والآجال بيد الله، فلا يجوز لكم الاستيلاء على ماله بحيل البيع الصورية أو غيرها، لما في ذلك من الخداع والمكر.. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار. رواه الطبراني وغيره وصححه الألباني.

ولذلك، فإن ما ذكرت من الاتفاق مع أختيك لا يجوز، وتنازلهما لك لا قيمة له، لأنه تنازل عن شيء لم يجب لهما وهو من إسقاط الحق قبل استحقاقه أو وجوبه ـ كما قال أهل العلم ـ ومن وهب ما لا يملك لم تصح هبته، ولذلك فإننا ننصح السائل الكريم بتقوى الله تعالى وتحري الحلال والبحث عنه بالطرق الشرعية فالذي أعطى أباه المال قادر على أن يعطيه هو أكثر وأكثر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه عبد الرزاق في مصنفه، وصححه الألباني.

نسأل الله تعالى أن يكفينا وإياكم بحلاله وبطاعته عن معصيته وبفضله عمن سواه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني